علي الخزيم
رحل العالم الجليل الوسطي المُعتدل سماحة الشيخ محمد بن إسماعيل العمراني؛ فقيه وعالم من علماء اليمن الشقيق، وبرحيله - غفر الله له وأكرم نزله - خسرت اليمن والعرب والمسلمون علماً من أعلامها الكبار، حيث كان من المرجعيات العلمية الفقهية الهامة، وقد جَسَّد بنهجه القويم روح الإسلام العظيم بأسمى معانيه، فكان بذلك محل إجماع، ومنهل علم وفقه للجميع ولم يتعصَّب لمذهب مُعين في حياته، فقد صعدت روحه فجر الاثنين 2 ذي الحجة 1442 هـ - 12 يوليو 2021 عن عمر ناهز المائة عام؛ وبيوم معظم من عشر ذي الحجة المباركة، وكان يميل لأن يكون بمثل هذه الأيام مع جموع حجاج بيت الله الحرام بالمشاعر المقدسة ما استطاع، وها هو فضل الله عليه بأن يلقى ربه بمثل هذه الشعيرة الدينية والموقف العظيم بين تكبير المسلمين وتلبية الحجيج، وكما أوضح بيان وزارة الأوقاف اليمنية (بأن الراحل كان كبير علماء اليمن بلا منازع ومرجعهم عند التنازع)، مشيرا إلى إسهاماته العلمية المتميزة في مجالات القضاء والتدريس وحلقات المساجد.
وشغل العمراني منصب مفتي الجمهورية اليمنية لسنوات، قبل أن تُعيِّن عصابة الحوثي المسيطرة على صنعاء مفتياً مقرباً منها في أبريل 2017 مما أثار استياء المواطنين هناك، كما كان ينشط بالإفتاء عبر الصحافة والإذاعة ببرنامج (فتاوى) لحوالي ثلاثة عقود من الزمن، الى ان حُجِبت إذاعته بأوامر حوثية منذ سنوات، وهذا ما جعل بعض المُنصفين العقلاء يخشون من تجرؤ الحوثيين على إحراق وإتلاف كتبه وفتاويه، ولم يكتف الحوثيون بإيذاء الشيخ في حياته والتقليل من شأنه ومنع لقاءاته وحواراته وخطبه المتلفزة؛ بل حتى حين لقي ربه فإذا بتغريداتهم وأقوالهم وتلميحاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي تنال من الراحل التقي وتلمزه بما ليس فيه، وكفروا بعض أقواله وأفعاله ووصفوه بأنه أحد علماء السوء، وزعم أحد رموز الضلال والبهتان بصنعاء أن العمراني لا يستحق كل هذا الحزن من أبناء اليمن والمسلمين حين مقارنته بزعيمهم الحوثي الذي يرونه مُبرأ من الخطايا والزلل والعياذ بالله، ولا غرابة من أقوال وأعمال الفسق والفجور التي تقترفها عصابات الحوثي ومُنظِّروهم ومُهرطقوهم بما يُسَمَّى (الملازم الحوثية) فقد سبق انحرافهم وضلالهم بالنيل من شرف أمهات المؤمنين زوجات الرسول الأعظم- صلى الله عليه وسلم- ومن صحابته وتكفيرهم -رضوان الله عليهم جميعاً-، فمن لا يوقر وينزه هؤلاء الأطهار فلن يتورع عن ذم وقذف من دونهم، فقد أحنقهم حجم الحزن والترحُّم الذي عبَّر عنه شعب اليمن تجاه مفتيهم الراحل؛ وزادهم غبناً أصداء الحزن في العالمين العربي والإسلامي لفقد الشيخ الجليل الزاهد في مفاتن الدنيا، فكان حُبّه وتقديره ظاهرا للعيان، وثبت لهم كره اليمنيين وتململهم من سطوتهم وتسلطهم عليهم، بما يُعد تعبيراً صريحاً بأنهم أعداء لليمن وأهله، وأنهم طغمة منبوذة يستعجل المظلومون زوالهم وعقابهم من لدن عزيز حكيم.
رحم الله الشيخ العمراني فهو من خيرة وأطهر رجال عصره في بلده، دعا مخلصاً للصلاح والرشاد وجمع الكلمة ونبذ الفرقة، لم يلتفت لنزوات الفئات الضالة من عملاء ومؤدلجين كالحوثيين أتباع وذيول المجوس المفسدين.