عطية محمد عطية عقيلان
اشتهرت زرقاء اليمامة بقوة أبصارها وكانت تحمي قومها من الغزو لكونها ترى العدو من أماكن بعبدة، فيستعد قومها ويصدوا العدوان لمعرفتهم واستعدادهم المسبق، واضطر العدو لاستعمال حيلة في زحفهم على قوم الزرقاء، وبدأوا بالمشي وهم يحملون أشجارا يختبئون خلفها، أخبرت الزرقاء قومها بما رأت!! لكنهم سخروا منها وظنوا أنها فقدت قدرتها على الرؤية وبدأت تتهيأ الأمور ولم يأخذوا بتحذيرها بجدية وفوجئوا بالمقاتلين من حولهم، وأصبحوا «لقمة سائغة» وتمت هزيمتهم وتهديم بيوتهم لأنهم لم يحتاطوا له ويستعدوا ويأخذوا حذرهم، ولقمة سائغة عبارة متداولة تستخدم في كافة المجالات الرياضية والثقافية والسياسية حتى في العلاقات الشخصية، وهي تدل على الضعف والهوان وقلة الحيلة والغبن وقبول ما يفرض عليك، لذا يرددون أنهم لن يكونوا لقمة سائغة في هذا القرار أو ذاك. وهذا ما يحدث خلال مراحل حياتنا ونصبح لقمة سائغة لمن حولنا دون أن نشعر ونقع في نفس المفاجأة والمطب الذي وقع فيه قوم زرقاء اليمامة، فكل من يستدين أو يقترض فوق إمكانياته وطاقاته حتما سيصبح لقمة سائغة للبنوك والديانة، وهذا يستوجب منا تطبيق المثل «قيس قبل ما تغيص» لتعرف حدودك وقدراتك المالية على السداد قبل الاستدانة، ومع كل مبذر وصارف فوق دخله سيتحول إلى مستدين ولقمة سائغة لزملائه وأقاربه ومعارفه لفرض ما يريدون عليه، وتجنبه فلنوقف الهدر المالي في حياتنا ولاسيما عندما لا نملك الدخل الكافي لهذه العيشة التي لا نتناسب معها، وفي كل تجربة البحث عن العمل المناسب لطلبك فقط ستتحول إلى لقمة سائغة للشركات والتوظيف لن الفرص ستقل مع السنين ومرور الأيام وستبحث عن الفرص التي رفضتها، ولكن لن تجدها بنفس المواصفات والمزايا التي قدمت لك، فاحرص أن تبدأ العمل، ومن ثم أبحث عن الأفضل وطور أدواتك وقدراتك ومهاراتك، ولكل مهمل لصحته ولياقته البدنية ونظامه الغذائي وطريقة نومه اعلم بأنك غالبا ستكون لقمة سائغة للأطباء والمستشفيات والمراكز العلاجية، لذا لنتبع طريقة متوازنة إلى حد ما والراحة والفحوص الدورية للتخفيف قدر الإمكان من زيارة المستشفيات وتناول الأدوية، وأسوأ الأشخاص في الحياة وأكثرهم خسارة هو من يتابع الآخرين ويبحث في عيوبهم، وينظر إلى أرزاقهم وصحتهم وسعادتهم لأنه سيتحول إلى لقمة سائغة للأمراض النفسية والتحسر ومقارنة نفسه بالآخرين والنقمة على حياته.
لقمة سائغة عبارة ذات دلالة محفزة لنا لنتدرب ونتمرن ونجتهد حتى لا نصل إلى قبولها والرضوخ لها، وهذا يتطلب منا الاهتمام والإدراك والوعي لكل ما يحيط بنا، فالوقوع فيها مرة سيجبرك للتنازل دوما، ولنحرص أن نقوي من حولنا من أبناء وأصدقاء وزملاء ولا نتحول إلى محبطين ومحولين لهم إلى لقمة سائغة يسهل فرض الآراء والاختيارات عليهم، يقول الأمريكي مايكل ويلر مؤلف كتاب فن التفاوض «لست مضطرا إلى تقديم التنازلات أو القبول بأقل مما تريد من أجل المحافظة على علاقة طيبة» وهذا منهج حياتي لنا لنتبعه ونعمل به، وجميعنا نتداول الحكمة التي تقول: لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها حتى لا نحول المحتاجين إلى لقمة سائغة لتلقي المساعدات فقط حسب مزاجنا ورغبتنا ورضانا عنهم.