على حافة الحياة أرتشفُ الهم، أتجرّع المرارة من كُلِّ هفوة تبدو أمامي جلية!
عندما يزداد وعي الإنسان وإدراكه تكثر مشكلاته وأحزانه المعنوية، وتتشكل فجوة بينه وبين ذاته ومجتمعه، يستثار بأي شيء؛ وخصوصاً إذا كان زيفاً طُرِح بحضوره بأنه حقيقة مطلقة، أو كان سلوكاً ينافي مبدأ الأخلاق والإنسانية والقيم النبيلة.
عندما ينتشر الجهل بين النَّاس يكثر الزيف ويحدث التلاعب بالحقائق، ويزداد عدد المصدقين بهذا الزيف، حتى يصبح، بعد مرور السنين، وكأنه حقيقة مطلقة لا يمكن لك أن تعترض عليها أو تنفيها أو تقف في وجه من يتبناها!
كيف لنا أن نجفف منابع الجهل ونسهم في رفع مستوى الوعي؟
سؤال جدير بالاهتمام والمناقشة، بل وبطرحه على أهل العلم والفكر حتى نجد الإجابات والحلول التي تدلنا على الطريق الصحيح إلى رفع مستوى الوعي.
عندما يتشكل الوعي عند غالبية الأفراد يصبح المجتمع محصناً من كل حقيقة زائفة، أو مشوّهة، أو كاذبة.
انخفاض الوعي يجعل كل شيء يبدو زائفاً من حولك؛ تجد الغالبية يهرولون بغير هدى، حتى لو كان الذي أمامهم مجرد سراب يتراءى لهم. بل تعدى الأمر أن بعض الحقائق المغلوطة طالت التاريخ والإنسان نفسه؛ لرفع إنسانٍ على آخر، أو قومٍ على قوم.
من يملك عقلاً راجحاً ويتوكأ على فكر نير، ونسبة الإدراك والوعي عنده مرتفعة، تجده لا يقبل إلا بالمصداقية في طرح الحقائق التي لا يدخلها شك أو ريبة أو تضليل. وهنا تكون الحقيقة، وقد خلت من الشوائب، كالنورِ المشع؛ تنير عقول الآخرين ليكونوا أكثر صدقاً وسمواً في ما يخدم الإنسان والمكان.
يجب أن تكون عند كل إنسان قاعدة راسخة لا يحيد عنها، وهي المصداقية والواقعية في الطرح، والابتعاد عن المبالغة التي تقضي إلى هدم كثير من المبادئ. فإدراك الفرد يبدأ من خلال نبذ كل معلومة لا تعتمد على مصدر تاريخي موثوق أو حجة دامغة وبرهان يدل على صدقيتها.
ما أكثر ما نجد في زمننا هذا من يصنع المعلومة بناء على مزاجه أو عصبيته أو جهله، لكي يتصدر المشهد ويضلل النَّاس، ثم تسري معلومته وتنتشر ويروج لها حتى يأخذها الناس وكأنها من المسلَّمات!
إن نار الباطل والزيف يجب أن تخمد قبل أن تحرق كل شيء، وتجعل الماضي والأحداث والصدق عبارة عن كومة من الرماد لا تعرف إلا الزيف الذي صنع وروج له.
نحتاج إلى التمحيص وعدم تصديق كل شيء إلا بعد أن نتبيّن ونتأكد من صحته.