خالد بن حمد المالك
تأخر سعد الحريري كثيراً في الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة، وكأنه كان لا يستبعد وفاء الرئيس ميشيل عون لدوره في تنصيبه رئيساً للبنان، بل وكأنه كان ينتظر مقايضة من عون لقاء دوره في وصوله إلى قصر بعبدا، مع أنه لو وافق على تشكيلة الحريري، فإن الأخير سوف يكون في قبضة عون وجبران باسيل وحزب الله، وسيعملون على إفشال أي عمل يقوم به لإنهاء الأزمة المستحكمة في البلاد.
* *
الآن، وقد اعتذر الحريري عن عدم تشكيل الحكومة، مبرراً بأن اعتذاره سببه أنه لن يستطيع الاتفاق مع عون، فلماذا تأخر تسعة أشهر حتى يصل إلى هذه القناعة، بينما كان عليه أن يعلن عن موقفه مبكراًَ، خاصة وهو يعلم جيداً أن إيران لن تسمح بتشكيل وزارة دون أن تكون متوافقة مع سياساتها وأطماعها في لبنان ولاحقاً بالمنطقة، حتى وإن عاش لبنان حالة غير مسبوقة من الفقر والذل والقهر والفساد، بغطاء من السياسيين النافذين.
* *
وطالما أن سعد الحريري قدَّم اعتذاره عن عدم تشكيل الوزارة بوصفه رئيساً مكلَّفاً لتشكيلها، فقد آن للرئيس اللبناني ميشيل عون أن يقدم هو الآخر استقالته، فلبنان لم يشهد كما شهد في عهد عون الضياع والفقر، والانهيار الاقتصادي، وسوء العلاقات مع الداعمين للبنان من الأشقاء، وهو ما يعني أن إكمال عون لولايته سوف تزيد من معاناة اللبنانيين، سيما إذا ظل تحالفه على ما هو عليه مع إيران وسوريا وحزب الله، إضافة إلى تأثير جبران باسيل على مواقف عون.
* *
إن الصراعات والتحزبات بين اللبنانيين سببها تبني عون لبعض المواقف المضرة بمصالح لبنان، استجابة لحليفه حسن نصر الله، والمؤكد بل تأكيد المؤكد أن لبنان لن يسترد عافيته، ويعود زهرة بين المدن والعواصم العربية طالما بقي حزب الله يمتلك السلاح والقوة العسكرية التي تضاهي وتتفوق على قدرات الجيش والأمن اللبنانيين معاً، وإذا لم يتم تحرير لبنان من أي قوة عسكرية خارج القوة الرسمية، وحصر السلاح بالجيش والأمن، فإن هذا البلد سيظل أمنه واستقراره على كف عفريت.
* *
وأي دعم للبنان كما تدعو إليه المبادرة الفرنسية في ظل أوضاعه السياسية الحالية، وتسلط حزب الله عليه، فهو دعم للإبقاء على هذه الأوضاع السائدة، ودعم للمشروع الإيراني في لبنان والمنطقة، وكأنه تحضير لما هو أسوأ في الفترة الزمنية غير البعيدة، لهذا فإن أي دعم للبنان يجب أن يكون مشروطاً بما يخلِّص البلاد من مآسيه الكثيرة، وأولها بانتخاب رئيس جديد، ومنع اقتناء السلاح لغير القوات الرسمية، وإعادة النظر في طريقة وأسلوب اختيار الوزراء، ومنع احتكار السلطة في وجوه تتكرر في مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء.
* *
وعلى عون أن يستقيل فوراً، فقد قاد البلاد إلى الدمار والفوضى والمشاحنات، وكان سبباً فيما آل إليه من سوء في العلاقات مع أشقاء لبنان حرمت بسببها بلاده من المساعدات والدعم، وجعلته لا يجد البديل عنها في محاولة حل أزماته، إلا عن طريق تجارة المخدرات، وتهريب السلاح، وتصفية المعارضين لدولهم في زمن أصبح غير اللبنانيين يحبون لبنان، ويتعاطفون معه، أكثر مما تفعله الطبقة السياسية والأحزاب في لبنان.