سلمان بن محمد العُمري
من الفوائد التي تحصلت من أزمة وباء كورونا التخلي عن العديد من المظاهر السلبية، والعادات الاجتماعية الثقيلة التي كانت تشكل عبئاً على الناس، ومن ذلك مظاهر الفرح الباذخ في الأعراس، والنفقات الطائلة في حفلة الزواج، وفي السفر للخارج خلال شهر العسل، وهذا ما قضت عليه هذه الأزمة وحدت منه ولله الحمد، وبإذن الله ستزول الغمة ويرحل الوباء بلا رجعة، ولكن الخشية أن نعود للكثير من عاداتنا السيئة وأمراضنا الاجتماعية العديدة ومنها الإسراف والتبذير والتكاليف الباهضة المرهقة للزوجين وأهلهما مسايرة للمجتمع، والإفلات من ألسن الناس وسياطهم اللاذعة في الانتقاد والانتقاص؛ فأصبحنا نلبس ونأكل ونشرب وفق ما يوافق أهواء الناس وعلى رغباتهم لا ما نقتنع به ونهواه ونريده.
ستعود الحياة لمجراها الطبيعي إن شاء الله، ونسعد جميعاً بأفراحنا وأفراح الآخرين، ولكن هل استفدنا من دروس الماضي، ورأينا كيف كانت حلاوة الزواجات والمناسبات المختصرة بلا تكاليف، ولا مصاريف ووجع رأس.
أتمنى ذلك ونحن في قابل الأيام أحوج ما نكون إلى الاعتدال والاقتصاد وحفظ النعمة وضبط النفس عن أهوائها ورغباتها الجامحة، ولاسيما مع الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم أجمع، وضعف الموارد وكثرة الالتزامات وغلاء المعيشة، وعلى المدرك والمقتدر قبل الضعيف والمحتاج أن يزنوا الأمور بموازينها، وأن يحافظوا على مدخراتهم ومكتسباتهم وترشيد نفقاتهم العامة، والاستغناء عن الكثير من الكماليات والتركيز على الأساسيات والبعد كل البعد عن الفخفخة والبهرجة، وإن استمرينا في إسرافنا وتبذيرنا، وعدم إدراك ذلك فلربما كانت مجريات الحياة تزداد صعوبة، ويعزف الشباب عن الزواج ويتأخروا في ذلك لأنهم وأهلهم غير قادرين على مواكبة موجة التقليد والمحاكاة ومسايرة المجتمع.
إن معظم التقاليد والعادات والمطالب التي يضعها بعض الأهالي في شروط الزواج تخالف روح الإسلام وتعاليمه السمحة، وتضر بالصالح العام، وتؤدي إلى نفور الشباب وتأخرهم عن الزواج وفي وقته المستحب، ولربما أدى ذلك لسلوكهم للسبل المعوجة والوقوع في الإثم والفحشاء، أو تدفعهم للزواج من الأجنبيات ولا تنسى تأثير ذلك على الفتيات أيضاً حينما يتأخر زواجهن.
إن ديننا الإسلامي لم يضع حداً معيناً للمهر الذي يدفعه الزوج إلى زوجته، وليس هناك مانع شرعي في أن تسن الدولة ما يكفل المصلحة بتحديد المهور إذا ترتب على التعالي في المهر مفاسد.
وحرصاً على مصلحة أبنائنا وبناتنا وحفاظاً على أخلاقهم وسلوكهم، كما أن على المجتمع كافة أن يحد من الظواهر السلبية والنفقات الباهضة التي كانت تواكب الزواجات ليس في المهور وحدها بل في سائر الأمور، ولنتذكر حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم: «إن أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة»، وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا تغلوا صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله كان أولاكم وأحقكم بها محمد صلى الله عليه وسلم».
فالله.. الله في شبابنا وشاباتنا لا تكونوا سبباً في تأخر زواجهم، وأرأفوا بهم جميعاً، وقدموا لهم المعونة والمساعدة على الزواج، والعمل على تخصيص أوقاف خاصة تقدم للراغبين في الزواج من الذكور والإناث، وتذكروا أن أمام الشباب مسؤوليات ومصاريف متعددة لا تقف على مصاريف الزواج فهناك المسكن والسيارة واحتياجات المنزل اليومية، ومصاريف الخدمات كل هذا يستوجب أن تنظر بعين الشرع في العقل لما كنا عليه من عادات وظواهر تستنزف جيوب الشباب وتحملهم ما لا طاقة لهم به.