مكان إحرام مَن مَرَّ على أكثر من ميقات
* من أين يحرم مَن مَرَّ على أكثر من ميقات، كمن جاء من طريق اليمن إلى جدة، ثم إلى المدينة النبوية، ثم إلى مكة المكرمة؟
- مَن مَرَّ على أكثر من ميقات فإنه يحرم من أول ميقات يمر به، ولا يجوز له أن يتجاوزه، فإذا تجاوزه إلى الميقات الثاني الذي يليه فمقتضى ذلك أنه يلزمه فدية، وعلى رأي الإمام مالك -رحمه الله تعالى- أنه من تجاوز الميقات الذي يمر به إلى ميقات آخر معتبر شرعًا -لا سيما إذا كان ميقاته الأصلي المحدَّد لبلده- فإنه لا شيء عليه، ولعل هذا أرفق بالناس.
فهذا الذي جاء من طريق اليمن إلى جدة وفي نيته زيارة المدينة قبل أن يُحرم لو أحرم من المدينة على كلام الإمام مالك فلا شيء عليه، ولا شك أنه أرفق به من أن يُحرم من ميقاته من يلملم، ثم يذهب إلى جدة وهو محرم، ثم يذهب إلى المدينة وهو محرم، إلا إذا مرَّ بيلملم وأحرم وأدى العمرة وتحلل منها، ثم ذهب بعد ذلك إلى جدة وإلى المدينة وهو حلال، ثم أحرم بالحج في يوم التروية من مكة هذا أيضًا مخرج، لكن قد لا يريد التمتع وإنما يريد الحج فقط، وحينئذٍ يكون الأرفق به أن يُحرم من ذي الحليفة، فإذا تجاوز يلملم إلى جدة، ثم إلى المدينة، ثم إذا رجع من المدينة يحرم من ذي الحليفة، وهو أرفق به، ولا سيما أنه ميقات محدَّد شرعًا، وهو أبعد المواقيت، فما يظهر في هذا -إن شاء الله- إشكال.
***
صيام عشر ذي الحجة
* ما حكم صيام عشر ذي الحجة؟ وما صحة القول ببدعية التزام صيامها كل سنة؟
- جاء في الحديث الصحيح أنه «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر. [أبو داود: 2438/ ويُنظر: البخاري: 969]، فجاء «العمل الصالح» ولا شك أن الصيام عمل صالح، وجاء في الحديث الصحيح «من صام يومًا في سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا» [البخاري: 2840]، فهذا يدل على الترغيب في الصوم مطلقًا، ما عدا الأيام التي جاء النهي عن صيامها، فإذا صام في هذه الأيام العشر صح أنه عَمِلَ صالحًا في هذه الأيام العشر، وعلى هذا يستحب صيام العشر، والمراد بها التسع التي تنتهي بيوم عرفة، لغير الحاج، حيث إن يوم عرفة لا يُشرع صيامه للحاج، بل يأثم من صام يوم عرفة وهو حاج، وجاء عن عائشة -رضي الله عنها- نفي صيامه -عليه الصلاة والسلام- في العشر، وجاء عن بعض أزواجه أنه صام العشر، وعلى كل حال المُثبِت عند أهل العلم مُقدَّم على النافي، ومعنا الأصل الذي هو فضل العمل الصالح في هذه الأيام، وثبوت أن الصيام من أفضل الأعمال، فإذا ضممنا هذا إلى هذا نتج عندنا أن الصيام في العشر من أفضل الأعمال.
***
القدرة المشروطة للحج
* ما هي القدرة المشروطة للحج؟
- لا شك أن من شرط وجوب الحج الاستطاعة {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: 97]، والمراد بالاستطاعة ما جاء تفسيرها به في بعض الأحاديث من أنها الزاد والراحلة، فإذا ملك زادًا يبلغه، وراحلة توصله، فلا شك أنه مستطيع وقادر على الحج، والذي لا يستطيع أن يصل إلى المشاعر فإنه لا يلزمه الحج، سواء كان بسبب عدم الزاد أو عدم الراحلة، فإذا ملك الزاد والراحلة التي توصله فإنه يجب عليه الحج مع توافر الشروط الأخرى.
***
ذبح الأضحية قبل الذهاب إلى الحج
* هل يجوز أن أذبح أضحيتي في بلدي قبل الذهاب للحج؟
- قبل الذهاب للحج يعني قبل وقت الذبح، وهذا لا يجوز، إنما تُذبح الأضحية بعد أن يصلي الإمام صلاة العيد، ويمتد الذبح في يوم العيد وأيام التشريق، أما قبل ذلك فلا.
ومثل هذه الأسئلة توحي بعظيم دور العلماء وطلبة العلم في تفقيه الناس وتعليمهم أمور دينهم خاصة أركان الإسلام وما له علاقة بالسنن الظاهرة البيِّنة، فلا شك أن العلماء عليهم مسؤولية كبيرة، وعليهم أن يبيِّنوا للناس أمور دينهم، فقد أُخذ عليهم الميثاق أن يبيِّنوا للناس ما نُزِّل إليهم، ومن ذلك الأحكام؛ ليعبدوا الله على بصيرة، وإلا فما فائدة العلماء، وما قيمة أهل العلم؟! ولولا أنه أُخذ عليهم الميثاق في بيان العلم للناس ونفعهم لما استحقوا هذه المنزلة الرفيعة العظيمة التي جاءت بها النصوص، وبقدر نفع الإنسان لغيره تكون منزلته عند الله -جل وعلا-.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-