احمد العجلان
في المنزل وفي الطريق للمسجد أو عند ذهابي للمدرسة على أقدامي أتعامل مع كل شيء قابل للركل على أنه كرة قدم، فالعلبة المستطيلة للمناديل هي مدورة بالنسبة لي أركلها متخيلاً أمامي مرمى وأسجل الهدف وأفرح، وكذلك الحال عندما أشاهد علبة المشروبات الغازية في الشارع فأنا أتخيل المدافع وهو يواجهني وأراوغه يمنة ويسرى، وفي المدرسة أحسب اللحظات والدقائق من أجل حصة الرياضة التي أتحول فيها إلى ملك لا أحد يستطيع أن يجاريني، فأنا من يسدد ويراوغ والفريق الذي ألعب له حتماً سيفوز، في كل أسبوع أكاد أن أحفظ السيناريو بتفاصيله. بعد الدرس يحضر لي معلم الرياضة: أنت موهوب يجب أن لا تضيِّع الوقت، يجب عليك أن تتجه للنادي وتسجل، ستخدم بلدك وستكون نجماً كروياً لامعاً. بعد شهور يعرف والدي وإخواني أن لدي موهبة ويعرفون تماماً أن كرة القدم أصبحت تجلب الأموال، يوافقون على ذهابي للنادي الذي استقبلني بحب ومنحني المساحة وبدأت اللعب منذ أن أصبح عمري 12 عامًا، عشت في النادي قصصًا جميلة وأخرى مريرة لكنني بالتأكيد تعلمت وتم صقل موهبتي، وصلت لعمر 19 عامًا، لا مكان لي في الفئات السنية، يجب أن أكون في الصفوف الأمامية مع الفريق الأول ولكن الفريق لديه 7 أجانب أقوياء ولاعبون سعوديون أصغرهم بعمر 25 عامًا، النادي لا يرغب فيني، يريد لاعب خبرة جاهزًا، لا وقت لدى النادي في ظل المنافسات الطاحنة أن يصبر على لاعب قليل التجربة والخبرة وأنا وضعت نصب عيني كرة القدم فقط فاكتفيت بشهادة الثانوية العامة فقط، أريد أن أعمل سأذهب لأي نادٍ آخر، أريد المال الذي تحدث لي عنه إخواني ووالدي، أريد المنتخب الذي جعلني أحلم به مدرس الرياضة. لا شيء سيحصل لأن النادي الذي عشت فيه سنوات طفولتي ومراهقتي قال لي اخرج أنت صغير، خرجت وبحثت عن نادٍ آخر، وجدت فرصة المدرب يريد لاعبين شباب ولكن الإدارة تراجعت لأن (بدل التدريب) عالٍ، أخيراً تقفلت في وجهي جميع الأبواب فقررت أن أواصل هوايتي كلاعب هاوٍ في دوري معظم لاعبيه مثلي حتى يتم الإفراج عني بعد أربعة أعوام عندما يصبح عمري 23 عامًا ويسقط عني بدل التدريب!