علي الصحن
هل يكفي اسم اللاعب وتاريخه السابق لضمان نجاحه مع فريقه الجديد؟ وهل يكفي ذلك لتبرير التعاقد معه، حتى وإن كان الفريق يملك لاعبين مميزين في نفس مركز اللاعب؟ وهل التعاقد مع لاعب جديد يأتي من أجل تحقيق مكتسبات فنية، أم بحثاً عن (الشو) والإثارة وتصفيق الجماهير؟
في كل موسم ومع كل فترة تسجيل يتحدث الشارع الرياضي عن الأندية وخياراتها، وعن الصرف المبالغ فيه في هذا الشأن، وعن تكبدها مبالغ مرتفعة مقابل لاعبين يتضح فيما بعد أنهم لا يستحقون ربع ما دفع لهم ولا ثمنه، أو في لاعب يتبين فيما بعد أن الفريق ليس بحاجة له، وأنه يملك من اللاعبين المحليين من يقوم بدوره وزيادة، المشكلة أن بعض الأندية ورغم كثرة التجارب لا تتعلم، بل تواصل الوقوع في نفس الأخطاء في كل فترة تسجيل.
«قاعدة (الغالي قيمته فيه) قد لا تكون حقيقة في عالم كرة القدم، هناك لاعبون جاءوا بمبالغ فلكية ولم يقدموا لفرقهم سوى خيبات فنية متتالية، وهناك لاعبون مغمورون لم يكن يعرفهم أحد، لكن عين الخبير استطاعت اقتناصهم واستطاعوا تقديم مستويات لافتة، ونجحوا في صناعة أسمائهم ورفع أسعارهم انطلاقاً من ملاعبنا، والأسماء كثيرة وليس المجال هنا لتعدادها».
في التعاقد مع اللاعبين يجب أن تتعرف الأندية على احتياجاتها بالفعل، وأن يكون التعاقد على هذا الأساس وليس على أساس ما يطلبه المدرج، فالمدرج الذي يطلب اللاعب بالاسم ويفرش السجاد الأحمر لاستقباله، ويملئ صالات المطار للترحيب به، هو المدرج نفسه الذي سينقلب على الإدارة مع أو إخفاق للاعب، ويطالب باستبداله في أسرع وقت، ولا يكف عن لوم من فكر في التعاقد معه، وفي هذا الصدد أعتقد أن على الأندية، أن تعيد النظر في طريقة عملها وأسلوب تعاقداتها، وأن «تتنازل عن ضرورة التعاقد مع اسم معروف ونجم مشهور، حتى وإن زادت ضغوط المدرج في هذا الشأن، وأن توكل الأمر إلى أهله من خبراء فنيين يعتد بهم، ومن وسطاء لا يكون تحقيق أعلى ربح هدفهم الوحيد فقط، ولن تعدم الأندية خيارات ممتازة في هذا الجانب، كما أن الأندية مطالبة بتحديد احتياجاتها بشكل صحيح» حتى لا تتكرر الأخطاء ويتواصل الفشل وتتوالى الخسائر داخل الملعب وخارجه.
* * *
في بعض البرامج الرياضية، لا يكف البعض عن تقديم النصائح وتقديم نفسه على أنه الوحيد الذي يعرف كل شيء ويفتي في كل شأن، والحقيقة أنه ينطبق عليه قول الشاعر:
«يا أيها الرجل المعلم غيره
هلا لنفسك كان ذا التعليما»
فمن لا يفرق بين المحلل والملحن، ولا بين الواحد والثلاثة، ويفشل في عمليات الجمع والطرح، وهذه من البديهيات، كيف يمكن أن نأخذ منه عندما يتحدث فيما لا يجيد ويهرف بما لا يعرف، وكما يردد الجميع اللوم ليس على بعض من يتم تقديمهم كمحللين، بل على من يقدمهم للناس، وهم لا يستطيعون تقديم إضافة واحدة.
* * *
فوز الأخضر الشاب بكأس العرب أمام منافسين أشداء، ثم مشاركة الأخضر الأولمبي في الأولمبياد، يؤكدان أن الكرة السعودية تملك المواهب الشابة القادرة على تحقيق الإضافة وصناعة الفارق في السنوات المقبلة، لكن هل ستجد هذه الأسماء الفرصة الكافية؟ وهل سيتم الاعتماد عليها بالفعل، أم أنها تفقد كل شيء ثم تخرج من أنديتها إلى أندية أخرى ومع ضعف الاهتمام وندرة الفرصة يفقد اللاعب كل شيء وينتهي به المطاف مبكراً؟
تحقيق البطولة والمشاركة في الأولمبياد ليس كل شيء، هذه النجوم الشابة لا بد من المحافظة عليها وصقلها حتى تكون نواة الأخضر الكبير في مقبل المنافسات، واتحاد الكرة معني بالأمر أكثر من غيره، فهل يتحرك للحفاظ على نجوم المستقبل قبل أن يكونوا من الماضي؟