«الجزيرة» - سلطان الحارثي:
نستكمل اليوم، حديث الأستاذ تركي الناصر السديري عن تاريخ الرياضة السعودية، وفي هذا الجزء، تحدث السديري عن البطولات الرسمية والبطولات الودية، حيث قال: «المسابقة الرياضية نوعان: مسابقات رسمية تنظمها جهة معتمدة لها صفة ومرجعية تشريعية وقانونية ومعنوية ملزمة ومعتمدة رسمياً.. وهي المكلفة بتنظيم الرياضة وشؤونها من مسابقات وأندية.. وهو ما بدأ مع إنشاء الإدارة العامة للشؤون الرياضية والكشافة بوزارة الداخلية عام1372هـ أنيط لها الإشراف على شؤون الرياضة وتنظيم مسابقاتها. وأول من تولى إدارتها المرحوم عبدالحق مال ومن ثم خلفه المرحوم محمد طرابلسي، وأول مهمة قامت بها هذه الإدارة الناشئة إعداد نظام يحدد أهدافها ومسؤوليتها التي كان من ضمنها وضع قوانين للأندية الرياضية وتنظيم البطولات والمسابقات والمباريات والإشراف على تنفيذها، وإعداد الحكام والمدربين لمختلف الألعاب وتهيئة الملاعب وتوفير الأدوات والتجهيزات الرياضية، وتمثيل المملكة في الاجتماعات الرياضية والكشفية خارجياً.. الخ.
وأول مهمة أجرتها هذه الإدارة فيما يخص كرة القدم وتنس الطاولة حيث كونت منتخباً وطنياً لأول مرة للمشاركة في الدورة العربية الرياضية ببيروت عام 1957م.. وتم بعد انتهاء الدورة إقامة أول مسابقة رسمية في كرة القدم (دوري كأس الملك) ومسابقة أخرى اقتصرت على اللاعبين السعوديين (دوري كأس ولي العهد).. اقتصرت هذه المسابقة على أندية مكة وجدة.. ثم شاركت في الأعوام التالية أندية المدينة والطائف، وهي.. من وجهة نظري بطولات مناطقيه وإن تشرفت بمسمى ملكي وتتويج للفائز وحصوله على كأس بمسمى غالٍ وهو ما يميزها عن بطولات المناطق في فترات لاحقة التي كانت تصفيات أولية لبطولة كأس الملك، والسبب في كونها مسابقة لا يمكن اعتبارها بطولة لكل المملكة لكونها تجاهلت وجود الأندية القائمة في مناطق أخرى مما جرد المسابقة من أهم شروط المسابقة التنافسية: (إتاحة فرصة المنافسة للجميع).. وهو ما لم يتوافر في هذه المسابقة.. التي تجاهلت وجود أندية أخرى كأندية الرياض التي لها حضور ونشاط وممارسة للعبة كرة القدم كالشباب وأهلي الرياض، وأندية المنطقة الشرقية التي كان لها اتحاد رياضي(!).. يضم 9 أندية لها دوري وحضور وممارسة.. وربما يتفوق حضورها الرياضي بامتلاك اتحاد رياضي لكرة القدم وهو ما لم يكن متوافراً لأندية مكة وجدة والرياض!
ولهذا أستغرب.. تهميش أندية يشرف عليها وينظم مسابقتها اتحاد رياضي رسمي تم تأسيسه برئاسة المرحوم عبدالرؤوف جمجوم وعضوية محمد أبوبشيت وعلي الغامدي وصالح آشي ومحمد باعيسى وحمزة عمودي وعبدالله الناصر وعبدالرحمن المعيبد!
والأغرب.. الذي يثير التساؤل في تبرير قصر دوري الملك وولي العهد على أندية محددة وعدم إتاحة فرصة مشاركة أندية المناطق الأخرى.. أن اتحاد أندية المنطقة الشرقية تابع لإدارة الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية..(!).. التي نظمت وأشرفت على دوري كأس الملك وولي العهد.. وتجاهلت مشاركة أندية اتحاد رياضي رسمي قائم وتابع لها مرجعياً وتنظيمياً! وهذا.. الأمر يضعف قيمة هذه المسابقة الأولى ويجعل منها مسابقة مقفلة وحصرية وليست لعموم المملكة تشمل جميع أندية المملكة الموجودة في تلك الحقبة الزمنية وإتاحة فرصة المنافسة للجميع. وهناك، من برر عدم مشاركة الأندية خارج مكة وجدة.. بصعوبة التنقل بين المناطق وهذا.. تبرير ساذج وغير موضوعي ومردود عليه.. لكون وسائل النقل بين مناطق الغربية والوسطى والشرقية كان متاحاً.. ولم تكن منعدمة على الإطلاق.. حيث كان هناك طريق معبد وسكة حديد وطيران.. وكذلك هناك رحلات جوية بين الظهران وجدة والرياض.. منذ منتصف السبعينات الهجرية والدليل أن هناك زيارات تمت بين أندية هذه المناطق الثلاث أقيمت خلالها مباريات ودية بل منذ عام 1371هـ فمثلاً عام 1372هـ اتفقت أندية في المنطقة الغربية والمنطقة الشرقية على تبادل الزيارات لإقامة مباراة ودية.. وكان بالامكان إيجاد صيغة للمنافسة على كأس الملك وولي العهد بطريقة تضمن تحقيق المنافسة للجميع لاكساب مسابقات 77 - 79 صفة مسابقة لعموم المملكة وليس مسابقة منطقة، وعلى أي حال.. بدأت بطولة كأس الملك منذ عام 1380هـ بعد إشراف وزارة المعارف على تنظيم الحركة الرياضية حيث أقرت نظاماً موحداً خاصاً بالمسابقات الرياضية وتنظيم الأندية وتسجيلها وإكسابها الصفة القانونية والمعنوية. وتم تنظيم دوري لكرة القدم بين أندية الدرجة الأولى في كل منطقة بحيث تكون تصفيات أولية لمسابقة كأس الملك، وكذلك تم تنظيم مسابقات مقفلة لأندية الدرجة الثانية في كل منطقة تنتهي بتتويج وبطولة، وبداية من عام 1382هـ تولت وزارة العمل مسؤولية الإشراف على الرياضة في المملكة وأسست لذلك إدارة لرعاية الشباب تولى مسؤوليتها المرحوم عبدالله العبادي تلاه صالح بن ناصر فعبدالعزيز الثنيان.. ثم الأمير خالد الفيصل الذي أسس مرحلة جديدة للرياضة السعودية حيث توسع حضور النشاط الرياضي في مختلف الألعاب وتم افتتاح مكاتب رئيسة وفرعية لرعاية الشباب في المناطق المختلفة لتنظيم نشاطات أنديتها، واستمرت المسابقة ارئيسة (كأس الملك) من خلال دوري لأندية كل منطقة كتصفيات أولية لنهائيات كأس الملك وولي العهد، والذي مر ببعض التعديلات كقصر مسابقة كأس ولي العهد على منتخبات المناطق، وتم تدشين دوري عام لدرع وزارة العمل موسم 1386 - 1387هـ تشكل مسابقة كل منطقة تصفيات أولية لاختيار الأندية المشاركة في التصفيات النهائية لدرع وزارة العمل بالإضافة إلى بطل الأندية الريفية التي أقيم لها دوري مستقل على مستوى أندية الدرجة الثانية يؤهل البطل من اللعب في دوري درع العمل، ولكن لم يكتمل إقامة هذا الدوري.. إلا مرة واحدة في موسم 89.. لظروف حرب حزيران، ولتنظيم مشروع دمج الأندية وتغيير ألوان شعاراتها ومسمياتها، ولإقامة دورة الخليج الأولى، وبعدها تم العودة للتنظيم القديم وهو دوري كأس الملك من خلال دوري المناطق كتصفيات أولية تؤهل صاحب المركز الأول في كل منطقة اللعب في التصفيات النهائية لكأس الملك، وفي موسم 1974 - 1975.. أقيمت الدورة التصنيفية التي على ضوئها تم تحديد الأندية الممتازة وأندية الدرجة الأولى على مستوى المملكة، وتم إقامة الدوري الممتاز موسم 1975 - 1976 إلا أنه لم يكتمل، ليبدأ في موسم 1976 - 1977 أول دوري ممتاز.. شاركت فيه أندية مصنفة على مستوى المملكة وعلى درجة مماثلة ضمنت تحقيق مبدأ المنافسة العادلة، وأقيمت مبارياته من دورين وتحدد تراتب مراكزه النهائية بالنقاط يمنح الأكثر نقاط درع الدوري.. الذي تحول في فترة لاحقة إلى كأس للملك يسلم لبطل الدوري بدلاً من الدرع.. وقد حمل مسمى «كأس دوري خادم الحرمين الشريفين»بدلاً من مسمى»الدوري الممتاز».. ليتحول فيما بعد إلى «دوري المحترفين «.. بمسميات رعاة (زين. عبداللطيف جميل).. ثم تزينت مسابقة الدوري بمسمى غالٍ (دوري الأمير محمد بن سلمان). وتابع السديري: «هناك.. مسابقات غير رسمية، وأخرى ودية وخيرية وتنشيطية.. تواجدت في الرياضة السعودية .. منذ بدايات الكرة السعودية لها مكان في تاريخ الكرة السعودية.. ويمكن أن يتضمنها تاريخ نشاط كل نادٍ.. ولكن لا مكان لها في «سجل البطولات الرياضية الرسمي».. ولا يعد ضمن منجزات وبطولات الأندية الرسمية وذات الصفة التنافسية الكاملة مع الغير.
.................................يتبع