عثمان أبوبكر مالي
على مدى ثلاثين يوماً بالتمام والكمال، عاش العالم (الكروي) الرياضي بأكمله شهراً من المتعة والفن الرياضي وهو يتابع مباريات النسخة السادسة عشرة من بطولة أمم اوروبا (يورو 2020)، البطولة التي بدأت قوية ومثيرة قبل انطلاقتها ومنذ الإعلان عن برنامج استضافتها عام 2012م، حيث اعتبر انها ستكون (بطولة رومانسية) تحدث لأول مرة وربما لمرة وحيدة، نظراً لإقامتها في احدى عشرة مدينة من إحدى عشرة دولة، بدلاً من استضافة دولة واحدة لها، او استضافة مشتركة بين عدة دول، والسبب في ذلك هو جعل النسخة احتفالية جماعية في القارة كاملة بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البطولة التي انطلقت عام 19960م، وأقر أيضا لها رفع عدد الفرق المشاركة الى 24 منتخباً بدلاً من 16 دولة، مما رفع عدد المباريات التي شهدتها البطولة الى 61 مباراة كانت من اكبر وأقوى مباريات نسخ البطولة (إثارة ومتعة) وان لم تكن افضلها وأقواها اداء ومستوى.
وحفلت البطولة بالأحداث الكبيرة والمفاجآت الساخنة التي حضرت من اول مباراة واستمرت حتى آخر مباراة.
كثيرا من الاحداث التي امتلأت بها البطولة لو وقعت في دوريات او بطولات اخرى لعدت من (المعجزات) ولصنفت من الكوارث اذا شوهدت في بعض المنتخبات او في بطولات اخرى في مناطق (خارج اوروبا)، فيما يعد حدوثها في اليورو بمثابة (دروس عملية) في اللعبة، وفي كل ما يتعلق بالمباريات، بدءاً بأداء اللاعبين ومستوياتهم، مروراً بالإدارة الفنية وخطط المدربين، وانتهاءً بإدارة المباريات من قبل حكام البطولة وهم من (حكام النخبة) في العالم، بدليل عدم تسجيل أخطاء مؤثرة (فاضحة) على الطواقم جميعها إلا في مرة أو مرتين، مثل ضربة جزاء انجلترا في الدور نصف النهائي امام الدانمارك، التي احتسبها الحكم الهولندي (داني ما كيلي) دون الرجوع الى تقنية الحكم المساعد (الفار) إلا بالتواصل.
من المبررات التي كان يمكن سماعها لو أقيمت البطولة في مكان آخر من العالم واعتبارها من (الكوارث) توقيت إقامتها، الذي جاء مباشرة بعد انتهاء موسم استثنائي مؤثر جداً على اللاعبين والفرق في العالم كله ويوصف في اوروبا بأنه موسم طويل بسبب جائحة (كوفيد 19)، ومع ذلك ظهرت غالبية المنتخبات في حالة بدنية عالية، ولم يشكُ اللاعبون الارهاق او ضغط المباريات او ما شابه ذلك، بل قدموا مباريات حركية، كثيرة الأفعال الكروية في كل مراحل البطولة، منذ انطلاق صافرة البداية التي خسر فيها المنتخب التركي أمام المنتخب الايطالي بثلاثية، وحتى رفع قائد الطليان كأس البطولة بعد ركلات الحظ الترجيحية والطليان يستحقون.
من أهم ما تستنتجه وتخرج به من هذه البطولة، أن يكون لك الحق في أن تصنف كثيراً من المبررات التي تطلق وتسمع بها في منتخبات وفرق وبطولات خارج (القارة العجوز) بأنها ليست سوى (شماعات) رياضية أو كروية.
كلام مشفر
«حملة كبيرة تعرض لها مدرب انجلترا (جاريث ساوثغيت) بسبب خياراته عندما اختار في التغيير الأخير ثلاثي دكة البدلاء (راش فورد وجادون سانشو وساكا) للتصدي لركلات (الحظ) الترجيحية ولسوء حظه اضاعها الثلاثي الاحتياطي.
«في المقابل ضربة جزاء ايطاليا الحاسمة (الضربة الرابعة) سددها لاعب احتياطي أيضاً هو (بيرنا ديسكي) الذي دخل الملعب عند الدقيقة 82 بديلاً لزميله المميز جدا (فيدريكو كييزا) ولكن من حسن حظ (روبرتو مانشيني) ان فيدريكو (البديل) سجل واصبحت تسديدته كرة الحسم التي جيرت البطولة للمنتخب (الآزوري).
«من مزايا البطولة اشراك اللاعبين الشبان صغار السن في التشكيلة الاساسية لمنتخبات كبيرة والاعتماد عليهم ومنهم الانجليزي (جود بيلينغهام) والالماني (موسيالا) والاسباني (بيدري) 18 عاماً، والأخير لعب 6مباريات مع منتخب بلاده (629) دقيقة، كثالث لاعب اكثر مشاركة، ولم يخرج احد ليقلل من اشراكهم بحجة نقص الخبرة، او أن البطولة اكبر منهم.
«الخبرة ليست كل شيء في كرة القدم، منتخب الدانمارك هو الأكثر خبرة بلاعبيه في يورو 2020م، حيث يبلغ متوسط مباريات لاعبيه الدولية 50 مباراة، ولديه أربعة لاعبين خاضوا أكثر من 100 مباراة دولية، وفي المقابل ليس شرطاً أن المنتخب الأصغر سناً يتفوق ويتقدم بدليل ان منتخب اسبانيا الذي يبلغ متوسط عمر لاعبيه 24 عاماً، غادر من امام ايطاليا، وقاد الطليان للبطولة قائده (كيلليني) الذي يعد أحد أكبر اللاعبين سناً في البطولة.