علي الخزيم
لست ضليعاً في قواعد اللغة العربية بدرجة أدرك بها اعوجاج كل ما يعترضني، غير أن لديَّ ما يكفي- ولله الحمد- لتجاوز الأخطاء اللغوية الفادحة، ومن أسباب قِلّة حصيلتي من قواعد لغتنا الجميلة ـ على سبيل المثال ـ هو تدني مستوى من كان يعلمنا قواعد اللغة، فمعلمي بالمتوسط جمعتني به أروقة العمل بعد حين من الزمن، وقد ترك التعليم؛ فصار يسألني عن بعض التخريجات اللغوية وصياغة بعض النصوص، وهو لا يذكر انه كان مُعلِّمي ولم أذكِّره بذلك قط تأدباً وتقديراً لسنِّه، فهذا مثال على ضعف وتدني التأسيس التعليمي الذي يعترض التلاميذ أحياناً، ولا ألوم أحداً بذلك فربما كانت الظروف حينها تفرض ذاك الواقع، لكنَّه مثال لتأكيد أهمية القواعد والبنى التأسيسية لتعليم التلاميذ من الصغر في كل مجالات وفروع التعليم.
وأنزعج كثيراً إذا قرأت ملصقاً إعلانياً، أورسالة الكترونية أو تغريدة لمغرد يشوِّهها خطأ لغوي أو أكثر، وأذكر أن تغريدة لأستاذ جامعي يحمل درجة علمية عليا أخطأ في ثناياها عدة أخطاء، وحين نبَّهه أحد المتابعين اعتذر بسطرين يحويان ثلاثة أخطاء، هنا تكمن الحاجة لدور المُصحح والمدقق اللغوي، فليس عيباً ان نعرض كتاباتنا وتدويناتنا على مُدقق أو مصحح لغوي، وما أكثرهم، ومنهم من يعرض خدماته بالمجان كبادرة طيبة لصيانة لغتنا الجميلة، ومنهم من يطلب رسوماً بسيطة جداً لتُعينه على تغطية تكاليف عمله، والتدقيق يشمل كل الإنتاج العلمي والفكري والإعلامي والتأليف في كل مجال؛ وكتب المواصفات والتصاميم بمختلف الفنون والمهن، فلا ضير من الاستعانة بإمكانات المدققين والمُصحِّحين أينما كانوا، ويمكن الالتفات الى شِعار المؤسسات الصحفية ببلادنا فهو يشير الى انها (للصحافة والطباعة والنشر) فيحسن والحال هذه الاستفادة من امكاناتها؛ فلديها أقسام تصحيح وتدقيق متقدمة يعمل لها مهنيون متمكنون باللغات والتصحيح والترجمة؛ فلعلها مَنْفَذ مُيَسَّر لطلب مثل هذه الخدمات اللغوية؛ والمأمول أن تتجه الشركات والمؤسسات والمحلات والمواقع التجارية للتعاون مع أرباب اللغة أينما كانت الوجهة لصيانة وحفظ لغتنا العربية الراقية كأجمل لغة على وجه الأرض، ولتظهر إعلاناتهم ومنشوراتهم وكتبهم الارشادية بأسلوب راقٍ وجُمل مترابطة شيِّقة جاذبة خالية من الأخطاء التي تُعكِّر مزاج المتلقي؛ وقد تقوده لفهم خاطئ بالمقصود لركاكة الصياغة والخلل الإعرابي الذي قد يقلب المعنى لغير المراد، وكما قيل: (اعط القوس باريها)!
وللحد من المسميات الأجنبية على كافة المحال والمتاجر وغيرها؛ أقترح طلب جهات الاختصاص من الشركات الأجنبية عند فتحها محلات للاتجار ببضاعتها عندنا تقديم اسم رديف للاسم الذي قد لا يبدو مقبولاً عندنا كعرب ومسلمين نظراً لمدلوله لو نطق بالعربية؛ ثم لماذا لا نبدأ من أنفسنا؛ وذلك بإلزام المعلمين - بقدر الإمكان - التحدث باللغة العربية الفصحى، واختيار الجهة المختصة بوزارة التعليم جملاً وتراكيب لغوية تناسب المراحل التعليمية وتعويد التلاميذ عليها، ففيها فوائد متعددة للمعلِّم والمتعلم، فالمعلم هنا كذلك سيتجنب بعض الأخطاء التي قد لا يدركها، وحبذا لو تم تعميم ذلك على وسائل الإعلام بكافة تفرعاتها، لنصون لغتنا من الركاكة والتفكك والضعف.