عبده الأسمري
حفيد مؤسس وعضيد تأسيس وسديد أساس.. من جيل «البارعين» ومن رعيل «المبدعين».. ومن الحكماء في «المعارف» والفضلاء في «المشارف».. وكبير «الخريجين» بالخارج و«خبير» الاقتصاديين بالداخل.. أطلق «عنان» الأمنيات فكتب «عنوان» البدايات بحبر «التعلم» وجبر «التأقلم» فكتب جملته «الفعلية» من فعل «ماض» مبني على «المتون» وفاعل مرفوع بالهمة ووضع خلاصة «أفعاله» عبر ضمائر متصلة تقديرها «هو»، ومصدر صريح كان فيه «مرجعاً» للاقتصاد الإسلامي و«نبعاً» للسداد الإنساني.
إنه رائد الاقتصاد الإسلامي ورجل الدولة الأمير محمد بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله، أحد أبرز الأمراء والوجهاء والنبلاء في تاريخ الوطن.
بوجه أميري مسكون بالوقار وتقاسيم فيصلية تتشابه مع والده وتتكامل مع أخواله وعينين لامعتين تلمعان حين المهمة وتدمعان حيث الرحمة وملامح أميرية خليطة بين الطيبة والهيبة ومتوائمة بين الود والجد ومتكاملة وسط الإثبات والإنصات وشخصية ودودة عطوفة تتباهى على محيا فاخر بالأناقة الوطنية وزاخر باللباقة المهنية وصوت جهوري مسجوع بالثقافة العلمية ومجموع بالحصافة العملية تتقاطر منه مفردات «الاعتبار» وتسمو فيه انفرادات «الاقتدار» ممتلئ بعبارات اقتصادية واعتبارات توجيهية قضى الفيصل من عمره عقوداً وهو يفصل للاقتصاد رداء فضفاضاً مطرزاً بواجبات «الزكاة» ومعززاً بموجبات «الانفاق» ويؤصل للاستثمار معنى فياضاً مجللاً بمعطيات «الفلاح» ومكللاً باتجاهات «النجاح».
في الطائف عروس «المصائف» ولد عام 1936 في صباح صيفي بقصر أبيه الملك فيصل «نائب الملك على الحجاز» حينها والذي كان وقتها على رأس حملة عسكرية اتجهت لليمن.
ودوت بشرى «السعد» بقدومه البكر من والدته الأميرة عفت الثنيان وامتلأت جنبات «الديوان الأميري» بأكاليل الورود ومواويل السعود وتربى أمام عيني والديه متشرباً «الحكمة» و«النباغة» و«النباهة» من توجيهات والده ومتعلماً «العرفان» و«الحنان» و»الإحسان» من اتجاهات والدته فنشأ بين قطبين من الوجاهة والتوجيه.. ونشأ منجذباً إلى «عناوين» النبل في بلاط «الإمارة» وكبر مخطوفاً إلى مضامين «الفصل» في قصر «الحكم».. متعلماً من «سلطنة» الحق في أنصاف المظلومين متدبراً من «سلطة» اليقين في انهزام الظالمين.. ركض الفيصل صغيراً مع أقرانه في هضاب «الهدا» وتلال «الشفا» وتعتقت روحه بنسيم «الورد» وتشربت نفسه «عبير» الزهر» متلحفاً بجمال «النشأة» ومتسلحاً باكتمال «التنشئة» فكان يملأ مساء أسرته بأسئلة «النبوغ» عن مستقبل بناه منذ أن كان طفلاً ينفذ بروفات «الكبار» رغماً عن حداثة «العمر» الأمر الذي جعله «حديث» العائلة عن مشروع باكر يهدي للوطن «ثمار» الحرص ويزف للتنمية «استثمار» الذات.
التحق الفيصل بمدرسة الطائف النموذجية التي أنشأتها والدته، وانتقل بعدها ليواصل دراسته الثانوية والجامعية في الولايات المتحدة ودرس في مدرسة هن سكول ثم نال درجة بكالوريوس الاقتصاد والإدارة من جامعة منلو عام 1963م.
عمل في مؤسسة النقد وتولى منصب رئيس مطار الرياض القديم حتى عام 1967 وتعين وكيلا لوزارة الخارجية حتى عام 1971 والتحق بالبعثة الدبلوماسية في الأمم المتحدة وتعين أميناً لمؤسسة الفيصل وبقي فيها إلى عام 1976 وتم تعيينه مديراً لتحلية المياه المالحة في عهد الملك خالد، واستقال في نهاية السبعينيات ثم تفرغ لأعماله الخاصة حيث أسس شبكة من البنوك والمصارف الإسلامية، وهي بنك فيصل الإسلامي المصري في القاهرة، وبنك فيصل الإسلامي في السودان، ومصرف فيصل الإسلامي في المنامة، وفتح لها عدة فروع في كافة أنحاء العالم، وقام بتأسيس الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي.
وفي عام 1976، أنشأ وترأس الاتحاد العالمي للمدارس العربية الإسلامية الدولية وشارك بالعديد من المؤسسات المالية والاستثمارية مثل بنك الإثمار في المنامة البحرين ومؤسسة فيصل المالية في كل من جزر الأنتيل الهولندية وفي سويسرا وغيرها.
وشارك في شركة الإسلامية للاستثمار الخليجي في الشارقة، والشركة الخليجية للاستثمارات المالية في مصر، والشركة المصرية للأعمال والتجارة في مصر، والشركة السعودية الخليجية للأعمال في السعودية، ومؤسسة فيصل المالية في كل من الباهاماس ولوكسمبورغ، وبنك فيصل في باكستان وشركة سوليدارتي وبنك البحرين والكويت، وشركة الدار الإسلامي في نيوجيرسي، كما أسس جائزة الأمير محمد الفيصل لدراسات الاقتصاد الإسلامي ترأسها ابنه الأمير عمرو، كما أنشأ مدارس المنارات.
توفي يوم السبت 16 ربيع الآخرة عام 1438 الموافق 14 يناير 2017 عن عمر ناهز 80 عاماً وتمت الصلاة عليه في المسجد الحرام.
ودعه الوطن وبكته الأعين ونعته المنصات ودعت له «أسر» عاشت «ضيق» الاحتياج وكان لها ضوءاً في «طرق» الانفراج.. وذكرته وشيعته «جموع» طالما استأنست برأيه وآنست بمشورته.. ليبقى «الفيصل» «فصلاً» من فصول «الفخر» وأصلاً من أصول الاعتزاز في سجلات «الأثر» ومساجلات «المآثر».
الأمير محمد الفيصل «فارس» التأثير الذي تجاوز «خط» السبق بأنفاس أصيلة وحاصد «التقدير» الذي اجتاز «نهاية» السباق بنفائس نبيلة.. ليبقى «وجهاً» للخير و«وجيهاً» للتفكير في تاريخ «الأسرة المالكة» شقيقاً للأبطال ورفيقاً للفضائل وحقيقاً بالأعمال «المتوج» في إمضاءات «الذكر» و«المكرم» في إضاءات «التذكر».