رقية سليمان الهويريني
ورد عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما عمدا لترك الأضحية بعض الأعوام لتأكيد سنيتها وعدم وجوبها، بينما يعيش بعض المسلمين حيرة وضيقاً وحرجاً بسبب قدوم عيد الأضحى المبارك دون قدرة منهم على شراء الأضحية لدرجة أصبحوا يسألون المشايخ عن إمكانية شراء الأضاحي بالتقسيط!
وفي حين أن الأضحية سنة مؤكدة على القادرين تأسيا بنبينا صلى الله عليه وسلم إلا أن ما نراه من تضييق على النفس وتفكير بتوزيع الراتب وجدولة الميزانية للتمكن من شراء أضحية أو اللجوء لشرائها بالتقسيط، مما يجعل الشخص يعيش متكدراً ومتورطاً!
فضلاً عن اللغط فيما يتعلق بالمحاذير من قص الشعر أو الأظافر لدرجة أن تحولت هذه السنة لواجب، وربما لاحظ البعض كثرة السؤال والاستفسار عن الأضحية وحكمتها وأحكامها وشكواهم من عجزهم عن شرائها، ولن أبالغ لو قلت إن الأسئلة عنها تتجاوز السؤال عن الصلاة الركن الإسلامي العظيم! وبرغم تلك الورطة والضيق إلا أنه لم يبادر أحد لدينا ليؤكد على أنها مجرد سنة يقوم بها القادر ويتصدق بها على المحتاج، ولكن الحاصل حالياً هو الحث على النحر تقرباً لله عز وجل وكأنها من الواجبات!
والوضع يشمل العالم الإسلامي كافة برغم الحالة الاقتصادية السيئة التي تحيق بالعالم كله وغلاء أسعار المواد الغذائية يستوجب تدخل العقلاء على تصنيف الواجبات والسنن! والأمر يدعو للأسى على شعوب ينهشها الفقر ثم يستلف أفرادها أو يقترضون أو يلجؤون للتقسيط لشراء أضحية يسدون تكاليفها طيلة عام كامل!
فيما تصل المسألة عند البعض إلى ذبح أكثر من عشرين أضحية في بيت واحد بمسمى وصايا أو أوقاف. ولو صرفت مبالغ شرائها في رفع المستوى الاقتصادي لبعض الأسر المحتاجة أو المساهمة في علاج بعض الأمراض المستعصية لكان أجدى وأكثر أجراً! وأبواب الخير كثيرة بما يتوافق مع الحاجة ويسد نوافذ الفاقة.
والإسلام دين التخفيف ورفع التكلفة والحرج عن الإنسانية؟ فكيف إذاً تحولت سننه إلى فروض وواجبات كما تحولت عباداته إلى رهبانية؟!