خالد بن حمد المالك
أشك أن يتم تعمير قطاع غزة مما لحق بالبنية التحتية والمباني والمساكن ودور التعليم والصحة وغيرها من دمار شامل، فالرياح دارت بما لا يشتهي العقلاء، بسبب النزاع بين الفلسطينيين حول من تؤول إليه أموال التعمير، ومن سيكون المسؤول عن صرفها على الخراب الذي حلَّ بهذا القطاع المنكوب، وبهذا الشعب الذي لا يملك حق إرادته ليوقف هذا النزيف من نتائج هذه المعارك التي لا حول له فيها ولا قوة.
* *
فميزان القوى بين إسرائيل وتنظيمي حماس والجهاد غير متكافئ، وكانت الأحد عشر يوماً من الضربات الإسرائيلية الموجعة كافية لتحدث كل هذا التدمير الشامل في قطاع محاصر وبائس، قطاع يدار بطريقة أفضت به إلى ما آلت إليه نتائج الحروب، دون أن يحقق الفلسطينيون أي تقدم في مواجهة العدو الإسرائيلي، وتحقيق ولو الحد الأدنى من حقوقهم، ما يعني أن القادم من الحروب سيقضي على ما تبقى من مبانٍ يحتمي بها السكان أمام جبروت ونيران وعدوان إسرائيل.
* *
وللتذكير، فالتعمير لغزة هدأت الأصوات في حديثها عنه، ولم يعد ذلك ضمن محاور استعراض مسلسل الحرب الأخيرة ونتائجها، وكأن الكلام الذي كان يُقال عن التعمير في أتون الحرب، وبعد ذلك مباشرة مجرد كلام لإيقاف الحرب والإبقاء على ما تبقى من مبانٍ وبنية تحتية متواضعة في غزة، بدافع إنساني ليس إلا من دول محدودة ساءها مشاهد الدمار والقتلى والمصابين في الجانب الفلسطيني، فتحدثت هذه الدول من باب تسجيل موقف إنساني بحت ولو بالكلام.
* *
ولو كان هناك عقلاء بين الفلسطينيين النافذين لما كان هذا الاختلاف على توزيع ثمن ما تم تدميره في غزة لتعميرها، ولو كان هناك من هو رشيد بين الفلسطينيين لما تعنت في مواقفه، بل ولفضَّل أن يأتي الدعم ولو كان على حساب حرمانه من سلطته على أموال سوف تقدم من داعمين لتصحيح ما أحدثته الحرب من نتائج مروِّعة، لا يزال وسيظل إخواننا في غزة يعانون من مرارة هذه الحرب ونتائجها.
* *
حماس ومثلها الجهاد، أصحاب مغامرات، وحسابات خاطئة، وتقديرات في غير محلها في كل نزال عسكري لهم مع العدو الإسرائيلي، ما جعل من غزة قطاعاً فاشلاً في إدارته منذ انقلاب حماس على السلطة الفلسطينية، والانفراد بإدارة القطاع مدعوماً من إيران لخلق هذه الفجوة المدمرة في العلاقات الفلسطينية- الفلسطينية، وتالياً في العلاقات بينها وبين العرب، ما يفسر فشل أي حوار للملمة العلاقات، وتحسينها بين الفلسطينيين.
* *
وفي ظل هذه الأجواء المكهربة بين الفلسطينيين أنفسهم، ومع العرب أيضاً، والموقف غير المتفهم لقضيتهم من جميع دول العالم، لا أرى حلولاً للقضية الفلسطينية، ولا حماسياً وحرصاً لدعم تعمير غزة، وما زالت المسافة -بنظري- بعيدة عن تحقيق الحلم الكبير بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وعسى أن يكون رأيي (المتشائم) في غير محله، ونرى السلطة الفلسطينية على رأس دولة على أي مساحة وفي أي رقعة من فلسطين، فالشعب الفلسطيني يستحق ذلك، وتعب كثيراً، وعانى طويلاً، لكن المنظمات وتجار الكلام هم لا غيرهم من أضاعوا هذا الحق المشروع.