جواهر الدهيم - «الجزيرة»:
تعمل خريجة «كاوست» د.ريم خوجة على تطوير محركات متناهية في الصغر مع زملائها في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وجامعة كاليفورنيا في بيركلي.
الباحثة الدكتورة ريم خوجة، إحدى خريجات دفعة المؤسسين في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست»، تتحدث عن مسيرتها العلمية وقيادتها لبحث تعاوني واعد لتطوير محركات صغيرة بحجم الخلايا البشرية تستخدم في التطبيقات الطبية وتكسر الحاجز بين الخيال العلمي والحقيقة.
من جدة الى إيرفين
بعد تخرجها من جامعة الملك عبدالعزيز بدرجة البكالوريوس في العلوم الطبية التطبيقية، عملت ريم خوجة كعالمة مختبر في جدة، وعلى الرغم من نجاحها في الحصول على وظيفة جيدة فور تخرجها وهو حلم كل خريج جامعي إلا أن شغفها في البحث والهندسة دفعها للذهاب أبعد من ذلك.
وصادفت تلك الفترة افتتاح جامعة سعودية بحثية جديدة متخصصة في مجال العلوم والتقنية، التي وجدتها ريم فرصة كبيرة لتحقيق طموحها العلمي، فتقدمت بطلب الالتحاق وتم قبولها في «كاوست» لدراسة الماجستير، وكانت تجربة دراسية متميزة أثرتها أكاديميًا وأسهمت في صقل مهارتها وتطوير شبكتها العلمية من خلال عديد من برامج التدريب في مجال الهندسة الطبية الحيوية في جامعة كامبريدج في مختبرات البروفيسور جيم هاسيلوف والبروفيسور جيم أجيوكا، وكذلك في جامعة تورنتو في مختبر البروفيسور شانا كيلي.
تقول ريم: «تدربت في كاوست على استخدام أدوات بحثية جديدة في الهندسة الطبية الحيوية مكنتني من التواصل مع الباحثين في كاليفورنيا، حيث أردت الانتقال إلى هناك لأكون مع زوجي الذي تم قبوله لدراسة درجة الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، لذلك تخرجت بدرجة الماجستير من «كاوست» وتقدمت لدراسة برنامج الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا».
وبعد عدة أشهر، عُرض على ريم العمل بمنصب باحثة ممولة لدرجة دكتوراه في مختبر البروفيسور دينو دي كارلو في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، تقول: «كنت سعيدة للغاية لقبولي في مختبر أبحاث عظيم في أحد أفضل المعاهد البحثية في الولايات المتحدة، وأن أعمل في نفس الولاية التي يوجد بها زوجي».
الخوض في أبحاث التصنيع المجهري
تركزت دراسة الدكتوراه لريم على كيفية تصنيع محركات مجهرية بحجم خلية بشرية، والذي ساعدها إلى الانتقال لبحثها الحالي في مركز أبحاث التطبيقات الانتقالية للأنظمة النانوية (TANMS)، والتي تدعمها مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية (NSF).
قادت ريم مجموعة بحثية متعددة التخصصات في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وجامعة كاليفورنيا في بيركلي لتطوير مواد ذكية متعددة الخلايا قابلة للبرمجة والأتمتة بناءً على الخصائص الوظيفية والوقت، التي لا تزال تمثل تحديًا أساسيًا في مجال التقنية الحيوية وتطوير العلاجات الخلوية، حيث أنشأت مع فريقها هياكل لمحركات مجهرية يمكن أن تتحرك داخل جسم الإنسان أو تتفاعل مع الخلايا خارج الجسم، ويمكن تصميم هذه الهياكل بحيث تتخذ شكل الأورام وبالتالي المساعدة في دراسة الطريقة التي تتفاعل بها الخلايا الحية للمريض مع هذه الأورام أو مع بعضها البعض، وسيؤدي هذا البحث إلى تطوير آليات في الطب الشخصي أو الطب الدقيق وعمليات إيصال الأدوية الى الأعضاء المستهدفة. جذبت فكرة استخدام الآلات المجهرية لعلاج المشاكل الطبية في جسم الإنسان انتباه المجتمع العلمي من خلال السينما في وقت أبكر بكثير من اختراع هذه التقنيات، تقول ريم: «أحد الأسباب التي الهمتني لإجراء بحث عن المحركات المجهرية الدقيقة كان فيلماً أمريكياً للخيال العلمي من الستينيات يحمل اسم الرحلة الرائعة (Fantastic Voyage)، حيث تم تصغير فريق من العلماء ووضعهم في غواصة صغيرة وحقنها داخل جسم الإنسان في رحلة مثيرة للوصول إلى الدماغ البشري، ومن العجيب أننا اليوم نعيش في وقت أصبحت فيه تقنية المحركات المجهرية التي تحاكي التقنية المستخدمة في الفيلم حقيقة واقعة».
العمل في الأوساط الأكاديمية
بعد تخرجها من جامعة كاليفورنيا وحصولها على درجة الدكتوراه، عملت ريم بمنصب زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا في إيرفين حيث تقوم حاليًا بالإشراف على طلبة الدراسات العليا وتوجيههم في مجال الصناعة الطبية والخبرة الأكاديمية، تقول: «أحاول دائماً تشجيع طلبتي وتوجيههم للقيام بالأبحاث الجريئة في بيئة آمنة بنفس الطريقة التي تعلمتها في «كاوست»، خصوصاً أن الجامعة نجحت في بناء مجتمع متميز ومترابط تفتقر له أغلب الجامعات والمؤسسات الأخرى وهو شيء أفتقده هنا، ولكني آمل أن أجلب بعضًا من هذا الترابط والدعم الاجتماعي إلى مختبري الحالي».
تقيم د. ريم حالياً في مقاطعة أورانج مع ابنها وزوجها، ولا تزال على تواصل مع العديد من زملائها من خريجي الدفعة التأسيسية في «كاوست»، وتستمتع دائمًا بالتحدث ومشاركة ذكرياتها الجميلة عن الجامعة. شاركت ريم أخيراً تفاصيل أطروحتها العلمية التي تحمل اسم: «نحو رحلة رائعة: المحركات المجهرية للغواصات الدقيقة» في «كاوست» من خلال سلسلة محاضرات خريجي الجامعة، التي كانت إحدى الفعاليات الافتراضية لبرنامج الإثراء الشتوي لعام 2021 في «كاوست»، تقول: «كان برنامج الإثراء الشتوي دائمًا من أكثر الفعاليات المفضلة لدي في «كاوست»، لذلك تشرفت جداً بدعوتي للتحدث والمشاركة في سلسلة محاضرات الخريجين».