رمضان جريدي العنزي
للقيم والمبادئ أهمية عظمى، وأثر كبير في حياة الناس، فهي تشكل المصدر الثمين، والطريق القويم للإنسان، وتعكس درجة رقيه وتحضره، وكلما ارتفع الإنسان بقيمه ومبادئه دل ذلك على تطوره ورقيه وتمدنه. إن على الإنسان أن يكون صاحب قيم ومبادئ، خصاله حميدة، وأخلاقه فاضلة، ومواقفه كلها ثبات، لكن في زمن المادة وسطوتها أصبح بيع القيم عند البعض تجارة رابحة، المبادئ عندهم هشة، والمعايير رقيقة، إن لهؤلاء ضبابية بالفهم، وتحولاً بالأفكار، ومواقف باهتة في الوعي والإدراك. إن مسألة القيم والمبادئ يجب أن تكون حاضرة في واقع هؤلاء وليست غائبة لأن القيم والمبادئ والمعايير الإنسانية إذا انحسرت ظهرت عوامل رمادية وسيئة. إن المبادئ والقيم لها طعم خاص ومميز؛ لذلك نرى أصحابها متمسكين بها ويعضون عليها بالنواجذ. إن الإنسان بلا مبادئ وقيم مثل الشجرة التي بلا جذور، وكالريشة في مهب الريح، وكالفاكهة التي بلا طعم، وكالساقية التي بلا ماء. إن المبادئ والقيم بوصلة الإنسان التي توجه عقله، وتحيي قلبه، وتهذب مشاعره، وهي جزءٌ واحد لا يتجزأ ولا يقسم. إن الذين يعيشون بلا قيم ولا مبادئ ليس لهم بين الناس مكانة أبداً، كالميت بين الأحياء. جاء جيش أبرهة من اليمن لهدم الكعبة، وكان الأحباش لا يعرفون مكان الكعبة، وكلما جاؤوا بدليل من العرب ليدلهم على طريق الكعبة يرفض مهما عرضوا عليه من مال، ولم يقبل هذا العمل سوى أبي رغال فكان جزاؤه من جنس عمله أن نُعت كل خائن للعرب بعده بأبي رغال، وكان للعرب قبل الإسلام شعيرة تتمثل في رجم قبر أبي رغال بعد الحج، وظلت هذه الشعيرة حتى ظهور الإسلام. هذا نموذج ممن تخلوا عن المبادئ والقيم والثبات، وانبطحوا أذلاء في وحل الخيانة ليصبح مصيرهم بائساً وتاريخهم مظلماً. إن أصحاب المبادئ والقيم والثبات يعيشون أبد الآبدين بينما من يتخلون عن مبادئهم وقيمهم يموتون في كل وقت وحين.