أ.د.عثمان بن صالح العامر
شرف لي عظيم أن تزدان زاويتي باسم العلامة الفذ، الإمام والمحدث، الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، الذي شرفه ربي سبحانه وتعالى أن يعيش طول عمره مع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، يدرس متونها، ويدقق في أسانيدها حتى صار القارئ للحديث النبوي الشريف، عندما ينتهي به المقام على قول (وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة) أو العكس (ضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة) يأخذ هذه الخاتمة بكل طمأنينة وتسليم.
نعم شرف لي أن يكون من أعطر حروف وكلمات هذه الزاوية اليوم هو المزكى والمشهود له بالإمامة في السنة وخدمة الدين من قبل خيرة علماء الأمة في عصرنا الحاضر على الإطلاق. وما كان له ذلك، وما وصل واستحق هذه المرتبة العالية في الدنيا فضلاً عمّا أعد الله في الآخرة لولا أن الله أحبه، و(إِذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْض) رواه البخاري.
سبحان الله، سقطة غير مقصودة جعلت ذكرى هذا العالم الرباني، والإمام السلفي، تتجدد على كل لسان العامة والخاصة على حد سواء، مع أنه رحمه الله دائم الحضور لدى العلماء وطلاب العلم أهل السنة الذين يمضون أوقاتهم في رحاب أقوال رسول الله وأفعاله وتقريراته، وينهلون من منهج السلف الصالح زادهم وقوتهم الحقيقي الذين يعيشون به في طريقهم لله عز وجل.
ربما التمس العذر للشاب الذي كان منه الزج باسم الشيخ العلامة الرمز محمد بن ناصر الدين الألباني في زمرة الجماعات التكفيرية والتحزبات السياسية المرفوضة ديانة ووطنية وإنسانية وشخصية، لاعتماده فيما قال على مرجعية غربية أو مخترقة، وكنت أتمنى منه قبل أن تكون هذه الهفوة المحسوبة والسقطة الموجعة، لو أخذ من وقته دقائق وسمع مقاطع الشيخ الألباني رحمه الله المسجلة صوتاً وصورة، التي تدين بكل وضوح ومصداقية هذه الانتماءات والتحزبات السياسية التي تتلبس لبس الإسلام وهو منها براء.
ومن باب الشيء بالشيء يذكر فإنني أسجل للقناة استضافتها مباشرة لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالعزيز العسكر للحديث عن هذا الموضوع بالذات، وأقترح في هذا المقام أن توثق قناة (الإخبارية) حياة هؤلاء العلماء الربانيين في برنامج خاص يورد تفاصيل التفاصيل لهؤلاء الرموز الأفذاذ، ويعرف بهم أكثر لمن قد يجهلون طرفاً من جهودهم في الذود عن حياض ديننا الإسلامي (دليلاً ومنهاجاً) الأموات منهم والأحياء على حد سواء، لعل هذا البرنامج الإعلامي الذي تنفرد به الإخبارية يكون نواة لمشروع وطني موسوعي يوثق ويرصد جهود علماءنا الربانيين، يعقبه أو يتوافق معه ندوة عالمية تعرف بأعلام السلفية في العصر الحاضر ودورهم في الدفاع عن منهج الإسلام الصحيح، تقيمها إحدى جامعاتنا المرموقة والمعروفة بتميزها في ترسيخ مفاهيم السلفية والوسطية واستشعارها لمسئوليتها المباشرة في تحقيق الأمن الفكري وتأصيل المنهج السلفي الوسطي الصحيح، رحم الله علماء الأمة الربانيين وأسكنهم فسيح جناته وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خيراً، وأمد بعمر الأحياء منهم ومتعهم بالصحة والسلامة، وإلى لقاء والسلام.