عبدالعزيز بن سعود المتعب
كتب أحدهم ذات يوم بعيداً عن “النقد كفنٍّ أدبي مستقل” آراءه بشكل “نقد انطباعي -إن جاز التعبير- لا يعني أحداً، حول إحدى قصائد الشاعر نزار قباني، مُتهماً إياه بأنه لا يغار ومتسامح لدرجة السلبية تجاه الآخر في عاطفته.. بلغة -عين السخط تبدي المساويا- وعلّق أحد كبار النقاد على ذلك بقوله (الآراء الانطباعية لا تعني أحداً)، وهو قول في محله، لأن الأمر موغل في الذاتية بكل بساطة:
أتُحبُّني بعد الذي كانا؟
إني أُحبُّكِ رغم ما كانا
ماضيك لا أنوي إثارَته
حسبي بأنَّكِ ها هُنا الآنا
ومنها:
أخطاؤكِ الصُغرى.. أمرُّ بها
وأحوِّلُ الأشواكَ ريحانا
لولا المحبَّةُ في جوانحهِ
ما أصبحَ الإنسانُ إنسانا..
والأمر نفسه ينسحب على آراء انطباعية في وسائل التواصل الاجتماعي، يُصِّر أصحابها على إقحام النقد فيها، وهو منها براء، فالنقد فن أدبي مستقل يحرج من يُحاول أن يتصدّر المشهد باسمه، وهو غير متخصص فيُحرج نفسه من حيث أراد لها غير ذلك، والأدلة ملء السمع والبصر، مع الأسف.
أمّا عدم رد بعض الشعراء المعروفين بجزالتهم وتميزهم في الشعر على هؤلاء النقاد “مجازاً” فقد يكون ثقة في شعرهم أولاً، وثانياً قد يكون لسان حالهم في صمتهم “تلميح لا يخلو من القسوة كخيار.. لمن يتأمّلون منهم أن يفهموا ما يقرأون قبل أن يهرفوا بما لا يعرفون، تماهياً مع قول الشاعر المتنبي:
ومن البليّةِ عذلُ من لا يرعَوي
عن جهله وخطاب من لا يفهم
وقفة للشاعر الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله-:
اشبع وشبّعني من الوصل يا زين
خَلّْ انتروَّى من سْلاَفَةْ هَنَانَا
ننسى جميع الناس ونعيش ياثنين
الحب غايتنا إلى منتهانا
من زورق الأحلام نشوى ولاهين
والعطف والتحنان عِمْدَة غذانا
نحيا بدال العمر يازين عمرين
حياتنا والعمر الآخر صدانا
قبل الفراق اللِّي يغيظ المحبين
لا ينتبه ثمٍّ يباعد خطانا