د. محمد عبدالله الخازم
يعد تأليف أو تغيير أو تطوير المناهج عملية مؤرقة لوزارات التعليم العربية، لأسباب بيروقراطية واجتماعية وسياسية ومنهجية. الفكرة السائدة هي تأليف المقرر الدراسي عبر النمطية البيروقراطية المتمثلة في إيكال تأليفه إلى لجان تعليمية.
رغم عمليات (التطوير) تغيب الأهداف الواضحة لكل مرحلة دراسية وأحياناً هناك ضعف في التكامل بين مكونات مناهج المرحلة أو المراحل الدراسية وكأن كل مادة دراسية تؤلف بشكل منفصل.
على سبيل المثال، لدي معاناة كولي أمر في فهم المتوقع أو المطلوب من الأبناء إجادته بنهاية الصف الثاني أو الثالث أو الرابع، أو التاسع وهكذا بقية الفصول والمراحل. كررت محاورتي لعدد من أساتذة التربية فوجدتهم يجادلون بأن هناك أهدافاً لكل منهج وأهداف للدارس والمعلم يسجل في تحضيره الأهداف المطلوبة. لكنهم لم يزودوني بأهداف كل صف دراسي وكل مرحلة تعليمية. سألتهم متى يفترض أن يتقن ابني الكتابة والقراءة؟ متى يفترض أن يتقن العمليات الحسابية البسيطة؟ أريد معرفة ماذا أتوقع من الطالب بعد السنة من دراسته وبالتالي يمكنني محاسبة المعلم والمدرسة على ذلك؟ أريد أهداف لا تتجاوز صفحة أو نصف صفحة لكل صف دراسي أتحقق من إنجازها ولا يهمني بعد ذلك فكرة إنهاء الكتاب المقرر او عدم إنهائه. أريد أهدافاً واضحة لكل سنة دراسية أو مجموعة سنوات دراسية (كل ثلاث سنوات مثلاً) كأن يكون الهدف بنهاية السنة الثالثة هو إجادة الكتابة والقراءة بالتشكيل الصحيح وإجراء العمليات الحسابية البسيطة وفهم بعض أساسيات العلوم ...إلخ.
سبق أن اقترحت فكرة خارج الصندوق البيروقراطي ولجانه وتكليفاته التي تحدد خمسة أسماء تؤلف كتاباً لا تتجاوز صفحاته مائة صفحة ويخرج بكثير من الأخطاء. فكرة تتمثل في إتاحة عملية تأليف مصادر التعليم (ولن اسميها مناهج) للجميع؛ المعلم والمثقف والأستاذ الجامعي ومن له قدرة وحماس. لتكن مهمة الوزارة تحديد الأهداف ويترك للخبراء والمهتمين تأليف أكثر من مقرر أو مصدر يتاح من خلاله تحقيق تلك الأهداف. سنكسب مؤلفات وأفكاراً جميلة من مبدعين وليس مجرد أساتذة يجتمعون في لجان للتأليف ووضع مكونات المنهج. سيكون جميلاً تحويل المقرر إلى أهداف تسانده مصادر أو مؤلفات تعليمية عدة يختار منها المعلم الذي نثق بتميزه ما يناسب.
بمعنى، أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك كتاب مقرر واحد لكل مادة بقدر ما توجد أهداف واضحة وللمعلم الاستعانة بالمراجع التي يراها. هذه الفكرة موجودة في مناهج العديد من الدول المتقدمة وبعضنا درس أولاده في مدارس خارج المملكة ولاحظ عدم وجود مقرر لكل مادة وسنة دراسية وإنما المعلم يبدع في اختيار ما يراه من مصادر متاحة. كما أنه يلاحظ أن أهداف كل مرحلة منشورة على مواقع الجهات التعليمية والاختبارات تبنى وفق تحقيق الأهداف وليس وفق مقررات دراسية يتم حفظ مكوناتها.
الخلاصة، ونحن نطبق خطوات جديدة في التعليم، نرجو نشر الأهداف لكل سنة ومرحلة دراسية، وليس لكل كتاب أو مقرر. وضوح الأهداف يساعد الجميع لفهم ما هو مطلوب تحقيقه كما يسهل قياس المنتج النهائي لكل سنة ومرحلة دراسية.