محمد سليمان العنقري
رغم جائحة كورونا وما خلفته من أضرار اقتصادية، إلا أن السياسة التي انتهجتها المملكة استطاعت ان تحقق من خلالها نتائج ايجابية لحماية الاقتصاد الوطني، فمع بداية الجائحة وتداعياتها ارتفعت البطالة الى ما يقارب 15 بالمائة، ولكن بعد عام من بداية تداعياتها تراجعت الى 11،7 بالمائة. ويقول معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي انه في الخمسة شهور الماضية تم توظيف 200 ألف ممن لم يسبق لهم العمل سابقاً من المواطنين، ومنذ بداية العام تم توظيف 420 ألفاً، وهي ارقام تعد ممتازة قياساً بالاوضاع الاقتصادية التي عصفت بالعالم في ازمة لم يسبق لها مثيل بتركيبتها وتشعب اثارها السلبية، لكن ما اتخذ من مبادرات محلياً ساهم بالحفاظ على قوة سوق العمل والوظائف فيه بنسبة تعد ممتازة قياساً بحجم الانكماش الاقتصادي الذي ضرب العالم دون استثناء.
ولعل ما اتخذ من إجراءات ومبادرات للحفاظ على سوق العمل قوياً والقيام بإصلاحات تنظيمية وهيكلية ساهم لحد كبير فيما بدأ يتحقق من نتائج جيدة بخفض نسب البطالة، فمع ما اتخذ من قرارات بتوطين مهن معينة سابقا بدأت تنخفض البطالة بهذه المهن كطب الأسنان والصيدلية، وبعض التخصصات الفنية وايضا بقطاعات محددة وبخطط متدرجة ومرنة بالتطبيق، ومؤخراً قبل ايام قليلة صدر عن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية «الدليل الإجرائي للقرارات الوزارية الستة المتضمنة توطين عدة مهن تشمل الاستشارات القانونية ومكاتب المحاماة، التخليص الجمركي، الأنشطة العقارية، قطاع السينما، ومدارس تعليم قيادة المركبات، والمهن الفنية والهندسية»، وهي خطوة نحو توطين هذه الانشطة بنسب تتراوح ما بين 100 بالمائة لبعض الوظائف الى 25 بالمائة لبعضها، وذلك حسب حجم البطالة وتوفر الكوادر لكل تخصص، وهو ما يعطي المرونة المطلوبة لكي يستطيع القطاع الخاص التقيد بالقرارات الجديدة، فهو المعني بنهاية الأمر بتوليد الوظائف.
فتمكين القطاع الخاص وفق رؤية 2030 ليمثل 65 بالمائة من الناتج المحلي يلقي عليه مسؤولية توظيف المواطنين من خلال توليد فرص عمل جديدة، وكذلك سياسات الاحلال، فالقطاع سيتولى أغلب الاعمال بالاقتصاد، وذلك بتمكين من الدولة ليكون شريكاً حقيقياً في التنمية ومن أهم أدواره سيكون توظيف المواطنين، فسياسات التخصيص وايضا النهوض بقطاعات اقتصادية لتمثل نسبة عالية من النشاط المحلي كالسياحة والترفيه والنقل والقطاع اللوجستي والصناعة وما تضخه الدولة من اموال لايجاد بيئة صحية لرفع دور هذه القطاعات، وايضا ما يصدر من انظمة، يأتي توليد الوظائف للمواطنين من بين الاهداف الرئيسية لكل هذه الاستراتيجيات، وما تتخذه الوزارة بسياسات توطين المهن والقطاعات يعد هو النهج الافضل للوصول لنسب بطالة منخفضة وتحسين كبير بنوعية الوظائف من حيث الدخل والمميزات وتلبية الطموح للكوادر البشرية، وأيضا بما يحقق مصلحة للقطاع الخاص بتوفير عمالة وطنية مؤهلة، حيث تنتشر عشرات الجامعات والمعاهد الفنية والتقنية، وذلك لرفع كفاءة رأس المال البشري الوطني ليكون هو المشغل للاقتصاد.
أخذت الوزارة قرارات عديدة بإصلاح سوق العمل آخرها البدء بتطبيق الفحص المهني للعمالة، وقبل ذلك تغيير العلاقة التعاقدية مع العمالة الوافدة، بالاضافة للتوطين بسياساته الجديدة، وهو ما سينعكس بنتائج ايجابية على خفض البطالة وذلك عبر تمكين كل جهة رسمية بان تلعب هي الدور الرئيس بتوطين الوظائف في الانشطة التي تشرف عليها، فملف البطالة يمثل تحدياً رئيسياً لاي دولة، ولذلك يتم اتخاذ كل ما هو مناسب لخفضها ورفع جودة الوظائف وذلك لزيادة المشاركة الاقتصادية ومنح الزخم المطلوب لدعم نمو كافة القطاعات الاقتصادية عبر رفع دور وقوة المستهلك المحلي وتعزيز دوره بالتنمية.