علي الخزيم
تقرأ ما كُتب بلغة أجنبية على لوحة فوق محل بِعَرض الشارع فلا تدري من بعيد أهو مكتبة أم محل ملابس أم أنه مطعم أوروبي! وحين تقترب منه يتضح لك أنه محل ألعاب أطفال، وتقرأ الذي بجانبه وتميل إلى أنه مطعم ربما لأنك جائع تلك الساعة، فتقترب أيضاً ليتبين لك أنه محل مثلجات (آيس كريم)، وهكذا بتنا لا نفرق بين ما نراه من مسميات على كثير من المحلات بشوارعنا سواء بالمدن الكبرى أو حتى القرى التي أصيبت بعدوى التقليد بزعم الجذب؛ على اعتبار ومفهوم خاطئ بأن المسميات الأجنبية أكثر تشويقاً للمتسوق عندنا، وهنا وقفة إذ إن أصحاب المتاجر والمطاعم ومحلات الوجبات السريعة ونحوها قد كونوا فهماً وانطباعاً مسبقاً أن المتسوق هنا سطحي التفكير تبهره الأسماء والألوان والأضواء أكثر من البضاعة المعروضة، وأنه ما أن تتوفر بيده المادة النقدية حتى يندفع بسلوك شرائي غير منضبط تستهويه المعروضات المعلن عنها عبر مواقع بوسائل التواصل الاجتماعي رغم أن أكثرها غير واقعي، والأكثر واقعية ما يتم الإعلان عنه عبر الصحف لأنها تمتنع عن نشر أي دعاية تجارية غير مكتملة الأركان ومشكوك بمصداقيتها.
ويشير البعض إلى أن محلات تعمد إلى رفع الأسعار قبيل صرف الرواتب وربما تعرض بضاعة شبه كاسدة، ثم بعد أسبوع تتغير الأسعار وتظهر بضاعة جديدة نوعاً ما، وكل هذا مخالف للأنظمة ويعد ظلماً للمتسوق، وقد أصفه بأنه سرقة بأسلوب لطيف يُمَرَّر على المتسوقين فلا يشعرون بالفوارق، أو أنّ منهم من يتغافل بزعم أنه لن يأتي للشراء كل يوم وأنه بحاجة لتلك المشتريات فلن يدقق كثيراً، وهنا يدرك أصحاب المحلات ما يختلج بأنفس المتبضعين، ويتدارسون انطباعاتهم فيتعاملون على أسس وخبرات بترويج بضاعتهم على متسوقين قد قرروا سلفاً أنهم لن يخرجوا من السوق بأيدٍ خالية، أو أنهم ممن لا يتفهمون أسلوب التخطيط المسبق لتسوقهم كأن يستبقوا مواعيد المناسبات والأعياد والأفراح والزيارات ليتوجهوا للأسواق للتزود بما ينقصهم من مستلزمات ويكون أمامهم الوقت الكافي لحسن الاختيار والتأمل والتروِّي أمام فوارق الأسعار، فليس من الحكمة التحجج بأن الوقت يداهمهم ولا بد من الشراء بأي طريقة.
أعود لمسألة اللغة الأجنبية بمحلاتنا ومطاعمنا ومواقعنا الترفيهية والسياحية وغيرها، فأسماء الشركات العالمية التي تعمل بمدننا قد يكون من المناسب الاتفاق معها على اسم عربي رديف لا يخل بالمعنى والمفهوم الأصلي، وأشدد هنا على تلك الأسماء التي لا يليق النطق بها بمفهوم اللغة العربية كأسماء لمحلات وماركات بعضها خادش للحياء ومخل بالذوق العام وتأنف الأنفس الكريمة نطقه علانية بين الناس كشيء من المألوف، وهنا قضية أخرى فالصغار يعتادون ترديد عبارات أجنبية وضمنها ما لا يفهمون معناه وتُضحِي مألوفة عندهم وتكبر معهم وتتسع هذه المشكلة فيصعب اجتثاثها ومعالجتها.
مما أتيح لي من تجوال خارج بلادي يتأكد لي بأن كافة بلاد العالم تحرص على لغتها وتعتز بها وتُنمِّى العناية بها، ونحن بني يعرب أحق أن نفتخر ونتعلق بلغتنا الجميلة.