عبود بن علي ال زاحم
المديرون الأذكياء يعلمون أن من الموظفين من ينسحب ويستقيل، ومنهم من يبقى في وظيفته دون أن يقدم شيئًا، وأنه في الغالب لا يوجد موظف ينسحب من وظيفته فجأة، ولا يتخذ قراره بتلك السرعة التي يتخيلها بعض المديرين أو خبراء الموارد البشرية، بل قد تستغرق عملية الانسحاب أيامًا وقد تمتد إلى أشهر وربما إلى سنوات.
وخلال هذه الفترة تتضح أهمية المدير في كشف انسحاب الموظف ووجوده المزيف دون إنجاز أي عمل من خلال ملاحظة بعض المؤشرات التي تطرأ على الحياة المهنية للموظف وتجعل انسحابه وتركه للعمل أمراً متوقعاً مثل: البطء في تنفيذ المهام، ورفض مزيد من المسؤوليات، وتزايد الاعتراضات والمواقف السلبية.
وما الادعاء بضعف الراتب سوى قناع يخفي السبب الحقيقي لاستقالة الموظف، حيث إن كل الموظفين يهتمون بعوامل أخرى لا تقل أهمية عن الراتب مثل: الثقة والأمل والإحساس بالجدارة والكفاءة والانتماء للمؤسسة، وحري بالمديرين أن يقدروا اختلاف اهتمامات الموظفين بحيث يمنحون كل موظف ما يحتاجه قدر الإمكان ليتفادوا الأسباب الخفية لاستقالات الموظفين المتمثلة في:
- خيبة التوقعات والآمال في بيئة العمل، ففي كثير من الأحيان تصطدم توقعات الموظفين وتتحطم طموحاتهم بالنسبة لظروف العمل عند معايشة الواقع، فيضطرون إلى الاستقالة وترك الشركة.
- عدم توافق الموظف مع الوظيفة: حيث إن عدم اختيار الموظف المناسب في المكان المناسب يجعله يشعر بالفشل والإحباط ويقدم استقالته لأنه غير قادر على أداء مهام وظيفته.
- غياب التوجيه والتقييم: حيث يتم علاج هذه الظاهرة بتحويل أسلوب تقييم الموظفين من عملية إدارية قوية أو سلطوية إلى عملية يشترك فيها الطرفان، حيث إن 50 % من مشكلات أداء الموظفين تنجم عن إهمال المديرين لإجراء تقييم واف للتعرف على مناطق القوة للمحافظة عليها ومناطق الضعف لمعالجتها.
- قلة فرص الترقي الوظيفي وتطوير الأداء: فالموظف الذي يشعر أن الشركة ليس لها دور في تطوير أدائه ولم توفر له الفرصة للترقية فإنه يضطر للانسحاب ثم الاستقالة والبحث عن فرصة للتطوير والترقية في مكان آخر.
- الشعور بعدم التقدير: إن إهمال آراء الموظفين والاهتمام بالأرباح بصورة مبالغة أكثر من الأشخاص الذين يتسببون في تحقيقها وعدم تقديرهم مادياً ومعنوياً يعتبر من أساليب التقليل من شأنهم مما يجعلهم يقررون الانسحاب والاستقالة.
- ارتفاع ضغوط العمل والإرهاق: مثل الزيادة غير المبررة لساعات العمل، ورفض أي أعذار للغياب وعدم الإحساس بالمجهود البدني والعقلي للموظفين.
- فقدان الثقة في الإدارة العليا: وهذا يحدث نتيجة لضعف قنوات الاتصال حيث إن الإدارة العليا تعيش في جزيرة معزولة وتتجاهل واقع بيئة العمل.
وتشير الدراسات إلى أن 89 % من أسباب استقالة المرؤوسين سببها سوء وضعف الإدارة أو الثقافة السائدة في المؤسسة و 11 % للأسباب المادية.
ولكي تقلل المؤسسة من عدد الاستقالات عليها الوفاء بالوعود أو استثمارها لطاقات موظفيها والعدل بينهم في المعاملة والمكافأة، وأن يكون أصحاب القرار في تعيين الموظفين على دراية بمهارات العمل ووجود أساس واضح لتقييم الموظفين وأن يكون الهدف منه التطوير، والاهتمام بآراء واقتراحات العاملين في المؤسسة.