منذ «المتصدع» في جازان و«الضنك» في جدة، وفي القصيم ماذا نسميه؟ العبارة المذكورة، كانت عنواناً لمقال كتبته في هذه الصحيفة منذ ما يزيد على عشر سنوات مضت. عن سيلان المياه الملوثة من محطات الصرف الصحي بالقصيم. فى وسط مجرى وادى الرمة التي يقال: إنها تعالج ثلاثياً.. مررت بالأمس القريب الأربعاء الثالث عشر من ذي القعدة لعام 1442هـ على المعبر بين ثالث مدن القصيم الكبرى الرس. والطريق السريع الرياض المدينة المنورة ورأيت منظراً من بعيد يبهر الغريب الجاهل. ومن قريب يصدم النفس، ويكتم النفس. منظر القصب ممتد على طول مجرى وادي الرمة نبت ونما على سيل محطة التنقية بمدينة الرس، التي لا تبعد عن المباني السكنية أكثر من كيلومتر واحد. وتنساب مياهها الملوثة العفنة بروائحها الكريهة زاكمة الأنوف كاتمة للأنفاس رغم الكمامات والتحرز. عبر مجرى الوادي حتى كادت تلتقي بجارتها الشرقية محطة البكيرية والخبراء. وكلتا المحطتين وعبر مجرى وادي الرمة متجهتين نحو جارتهما الثالثة محطات تنقية مدينة عنيزة وبريدة التى شكلت غابات واسعة من البوص (القصب) وإلى جانب الأذى الظاهر من الروائح المنبعثة الكريهة، كلما كان اتجاه الهواء شمالياً أو شرقياً، لتعم روائحها شمال وغرب وادى الرمة كله، وجنوب وادى الرمة كلما كان اتجاه الهواء جنوب الوادي. وما قد ينشأ عنها من أمراض جرثومية أو فيروسية. وخاصة أن بعض الحيوانات ترعي النباتات النامية على ضفاف هذه المياه المنتنة القذرة. تصريف مياه هذه المحطات بتوجيهها بعيداً عن المدن والتجمعات السكانية عملية في منتهي البساطة، إذا ما قورنت بعمليات التمديدات الضخمة المنفذة بين شرق وغرب المملكة وعمليات نقل مياه الشرب من محطات التحلية.. فالأرض سهلة والمسار الذي أرى ويرى غيرى، إنها الأنسب، وهي سحب مياه هذه المحطات عير قنوات أنبوبية مسافة لن تزيد على 200كم من خلال طمر الأنابيب بمحاذات مجري الوادى حتى نفود الثويرات. هناك حيث تبتلعها الأرض بكثبانها الرملية الواسعة. الخطر الأكبر فيما لو جرى وادي الرمة وكل مسارب المحطات الثالث تجرى في مجراه. وسيول وادي الرمة تدخل أماكن تقع على ضفافه وتستقر المياه بما تحمل من طمي وغيره.. كالخبراء التي اشتهرت بجودة الإنتاج الزراعي خاصة القمح (معية الخبراء) حيث تغمر سيول وادي الرمة كل الأرض الزراعية بالخبراء وتستقر أشهر مغمورة بالماء قبل أن تجف. والحمد لله ولاة الأمر أعزهالله لم يدخروا جهداً في سبيل راحة وصحة المواطن. الوادي نفسه رسم مسار الأنابيب والمناسيب بميل مجراه وجريانه متجهاً شرقاً يخترق نفود الثويرات.. كارثة حمل وادي الرمة للمياه الآسنة الملوثة، وما قد ينتج عنها من أمراض لا تتوقف على منطقة واحدة، بل تتجاوزها إلى كل الساكنين جوار مجرى الوادي كالرس والبدائع والخبراء ورياضها وعنيزة وبريدة. فإذا عم هذه المناطق كأنه عم القصيم كله والقصيم متوسط من المملكة العربية السعودية العزيزة المعززة بإذن الله. بولاة أمرها ورجالها، فأي مرض قد ينشأ من هذا الحالة المؤذية للنفس والتنفس سيعم ولا يخص. نسأل الله العافية والسلامة من كل شر وأذى. ورمال الصحار الخالية من السكان المستهدفة باستقرار المياه المرسلة يمكن تسييجها لمنع الرعي فيها والرمال كفيلة بابتلاعها والقضاء على إمكانية كونها بيئة صالحة لمن شاء الأوبئة لا قدر الله..