بعض كتّاب المقالات غير المعروفين يشتكون من قلة عدد القرّاء لمقالاتهم، وهنا سأتطرق لنقطة قد تكون أحد أسباب عزوف القرّاء عن قراءة بعض المقالات.
عندما تأتي فكرة لكاتب ما ويرى بأنها تستحق الكتابة والطرح، فإنه يشرع في كتابتها ويسهب في تفاصيلها ويحاول لملمة أطراف الفكرة ويتشعب حتى يغطي جوانبها، فتكون النتيجة أنه كتب مقالاً جيداً ووافياً.. لكنه طويل وهنا مربط الفرس خصوصاً للكتّاب غير المعروفين، نحن الآن في عصر السرعة، السرعة والإيجاز في كل شيء، فأوقات الناس قد لا تحتمل وقتاً أطول يقضونه في قراءة مقال طويل، سأحاول الربط هنا بين فكرة كتابة المقال وبين حدوث زلزال وطريقة تعاطي القنوات الإخبارية مع هذا الحدث، كفانا الله شر الزلازل.
عندما يحدث زلزال في منطقة ما، فإن قنوات الأخبار لا ترمي بكل معلوماتها في بداية الحدث، وتشير فقط لحدوث الزلزال ومكانه ومدى خطورته، ثم تبدأ تدريجياً بنشر عدد المصابين والمفقودين والخسائر، ثم تطرح معلومات عن الزلازل بشكل عام، وبعدها تركز على عمليات الإنقاذ، ثم التبرعات والمنظمات المشاركة وتأتي الإصلاحات في نهاية الأمر، هذه الأمور تستغرق أياما والهدف ربط المتابع بالقناة مما يجعل القناة مكاناً خصباً لتحقيق مكاسب إعلانية أكبر، ولو أن القناة اكتفت فقط بالإعلان عن الزلزال ثم انتظرت النتائج وأعلنت عنها في خبر واحد فستخسر فرصاً كانت ستحققها بالتنوع في نشر الخبر بشكل تدريجي.
ونستطيع تطبيق هذه النظرية على كتابة المقال، فكثير من الأفكار الرائعة قابلة للتقسيم إلى أفكار أصغر ومقالات أكثر بشكل جميل وخفيف على القارئ، وهنا يكسب الكاتب زيادة زخم بحضور أكبر وبالتالي يكوّن القارئ انطباعه عن الكاتب وطريقته السهلة وفكره الخصب، وبهذا الأسلوب يكسب الكاتب من الإيجاز بتقسيم فكرة المقال ومن الإطالة بتنوعها.
جذب القارئ ليست عملية سهلة والإبقاء عليه عملية أصعب، فلا تقتل فكرتك الكبيرة في مقال طويل يجعلك تتنهد عند فراغك من كتابته، فما بالك بمن سيقرأ وهو لا يدري عن جودة الفكرة وقد يتردد عند قراءة المقال الطويل حتى لا تصدمه النهاية التي قد لا تعجبه، وعندها سيبقى القلم المغمور مغموراً والقلم القوي قد يضعف. وأختم بقول جعفر بن يحيى: إذا كان الإيجاز كافياً كان الإكثار هذراً، وإذا كان التطويل واجباً كان التقصير عجزاً.
وعلى الخير نلتقي
** **
- مشرف نادي مقروء