م. بدر بن ناصر الحمدان
ممارسة المشاعر الإيجابية في مواجهة الحياة بكل ظروفها وأحوالها تتطلب مصدراً معنوياً ثرياً وقادراً على تغذية حالة التعايش مع المواقف والأحداث التي من شأنها خلق حالة من الإحباط أو اليأس والقلق أو الخوف وحتى الندم والحسرة تجاه ما يتعرض له الإنسان ويضعه تحت طائلة من المشاعر السلبية التي قد تخرجه من دائرة السكينة والطمأنينة.
التمعن بشكل دقيق في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن..»، يأخذنا إلى بُعد إنساني عميق جداً، يُمثّل أعلى درجات الاستقرار النفسي والسلام الداخلي تجاه الذات لأي إنسان يخوض غمار هذه الحياة المليئة بكل شيء، إذ إن العنوان الرئيس لمعنى هذا الحديث هو «أنك لا تخسر أبداً» في كل الأحوال.
إذا ما فاتك شيء من أمور الدنيا ولم تستطع اللحاق به، أو لم تتحقق أمنياتك التي انتظرتها، أو ضاعت من بين يديك تلك الفرص التي كنت ترقبها، أو انهارت أحلام لطالما عملت من أجلها، أو واجهت ما ينغص عليك حياتك وظهر فيها ما يكدرها من مرض وفقد وهم وحزن وألم، أو تأخر عليك الرزق، وتعثرت بك الطرق، وتاهت بك الخطى، ليكن عنوانك الدائم بأنك وبالرغم من ذلك كله فإنك «لا تخسر»، لأن عوض الله قادم إليك، عاجلاً أم آجلاً، سيظهره لك على هيئة أقدار لم تكن لتحلم بها، وسيبهرك الله بما لم يخطر على قلبك، أو تحدثك به نفسك.
إيمانك بأن «مُدَبِّرُ الْأَمْرَ هو اللَّهُ» سيمنحك نعمة التوكل عليه والرضى بما اقتضته حكمته، وبأنك على خير في الضراء والسراء، ليكن بداخلك إيمان بأنك في «عناية الله»، مهما تعاظمت عليك الأمور، وضاقت بك الأرض، أو خيمّت عليك الهموم والأحزان، واشتد عليك البلاء، ثمة أشياء جميلة ومؤجلة، لكنها ستحضر لك يوماً، وفي وقت أحوج ما تكون إليها.
لا تتوقف، وتعلم فن العبور، وأدب التجاوز، ولا تلتفت إلى ما مضى، وابدأ رحلة جديدة من الحياة.
تذكّر أنك مع الله، لا تخسر أبداً.