صبار عابر العنزي
الشيخوخة قادمة وبأعداد هائلة خلال السنوات المقبلة فماذا أعدت للمستقبل وزارة الصحة السعودية وبقية الوزارات المعنية، خصوصًا ونحن نعلم الاحتياجات الطبية والخدمية التي تقدم لأصحاب العمر المتقدم التي تحتاج لإمكانيات هائلة وإعداد مسبق لاستقبال هذه الظاهرة...
لا أبني تخوفي من الخطر القادم إلا بعد اطلاعي على تقرير أصدرتْه الهيئة العامة للإحصاء عام 2020 م بمناسبة اليوم العالمي للشباب تحت عنوان «تقرير الشباب السعودي في أرقام» المتضمن إحصاءات الشباب السعودي...
وأكدت الهيئة أن الشباب السعودي للفئة العمرية (15-34 سنة) يمثلون 36.7 % من إجمالي السكان السعوديين، ويلاحظ أن غالبية الشباب الذكور تحديدًا في الفئة العمرية (20-24 سنة) بنسبة 27.6 % بينما تمثل نسبة الأطفال والشباب من السكان السعوديين لعام 2020م 67 %... وهنا أتحدث عن المستقبل الذي يجب علينا الاستعداد له من الآن...
وعلى الرغم من أن الزيادة المطردة في أعداد المسنين حول العالم تعد أحد أهم إنجازات العلم والتطور العلمي والتكنولوجي والطبي؛ لأن البشر اليوم يعيشون أيامًا أطول من ذي قبل... لكن الشيخوخة تقف بالمرصاد على المدى البعيد لكل معدلات التنمية والتقدم بشكل ينعكس سلبًا على ذلك التقدم والنمو؛ إذ تشير إحصائيات عالمية إلى أنه في عام 2050م ستكون أعداد البشر الذين تفوق أعمارهم سن الستين عامًا قد تجاوزوا «بليونَي» شخص حول العالم؛ وتختص الدول النامية بنحو 80 % من هذا العدد...
ويؤكد موقع وزارة الصحة السعودي أن تغير نمط حياة الأشخاص بعد تقدمهم بالعمر يؤثر في صحتهم النفسية من حيث التغيرات الوظيفية، وفقدان الأحبة...
فالخرف، والاكتئاب، والقلق من أشيع المشاكل النفسية في مرحلة الشيخوخة، وهي ليست جزءًا طبيعيًّا من التقدم بالعمر؛ إذ يرتبط القلق غالبًا بالاكتئاب، أي إن أغلب المصابين بالاكتئاب يعانون القلق أيضًا...
ومن هنا ستكون الشيخوخة عاملاً مهددًا للنمو والتقدم والازدهار الاقتصادي بشكل مخيف؛ إذ ستضطر معدلات العمل إلى أن تتحمل كل هذه الأعداد الكبيرة من المسنين الذين لا يقوون على العمل والإنتاج ويحتاجون إلى العلاج والرعاية وهو أمر مكلف؛ فالمصاب يحتاج إلى أدوية مرتفعة الثمن وخدمات صحية ومستلزمات طبية ترهق الأسرة وتكلف الدولة مقارنة مع ارتفاع نسبة المصابين بالخرف/ الشيخوخة...
ومع انتشار الفقر ستؤثر تلك العوامل على توفير الرعاية الكافية لهذه الفئات العمرية المتقدمة من حيث الرعاية الصحية ومعدل الدخول الاقتصادية لها...
وستشكل تلك الأعداد الهائلة من أصحاب الأعمار السنية الكبيرة حجر عثرة في طريق التقدم والنهوض بالنسبة للدول النامية التي تبحث لنفسها عن مكان وتحاول توفير احتياجات مواطنيها وتحقيق الاكتفاء الذاتي...
وقد حددت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ومقرها الرياض أن رعاية المسنين والاهتمام بهم أمر في غاية الأهمية، فهذه الفئة التي أفنت حياتها بالعطاء والتضحية تستحق الاحترام والامتنان والرعاية من خلال خدمتهم على أكمل وجه وتقديم التسهيلات وتوفير الإمكانيات اللازمة لهم...
بينما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة وثيقة المبادئ المتعلقة بكبار السن وهي مبدأ «الاستقلالية» في الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية وإمكانية ممارسة العمل بأجر والحصول على التعليم والتدريب والمبدأ الأهم «المشاركة» في صوغ وتنفيذ السياسات التي تؤثر مباشرة في رفاهيتهم...
وكذلك «الرعاية» وهي توفير فرص الاستفادة من الرعاية الأسرية والرعاية الصحية لكبار السن، وأن يمكنوا من التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية عند إقامتهم في مأوى أو مرفق للرعاية أو للعلاج...
وأيضًا «تحقيق الذات» أي تمكين كبار السن من التماس فرص التنمية الكاملة لإمكاناتهم من خلال إتاحة إمكانية استفادتهم من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية...
وأخيرًا مبدأ «الكرامة» وهو تمكين كبار السن من العيش في كنف الكرامة والأمن، ودون خضوع لأي استغلال أو سوء معاملة، جسدية أو عقلية، وينبغي أن يعاملوا معاملة منصفة، بصرف النظر عن عمرهم أو جنسهم أو خلفيتهم العرقية، أو كونهم معوقين، وبصرف النظر عن مركزهم المالي أو أي وضع آخر، وأن يكونوا موضع تقدير بصرف النظر عن مدى مساهمتهم الاقتصادية...
وفي المملكة حفظت المادة السابعة والعشرون من النظام الأساسي حقوق المسن ونصت على «تكفل الدولة حق المواطن وأسرته، في حالة الطوارئ، والمرض، والعجز، والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية»...
حفظ الله وطني من كل سوء فما يقدم يفوق الوصف...