لعمرك ما الرزية فقد مال
ولا فرس يموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شهم
يموت بموته خلق كثير
فقد آلمني كما آلم الملايين فاجعة وفاة معالي الشيخ ناصر الشثري وعندما أحرر هنا كلمة الرثاء في الشيخ فلن أوفيه حقه أو بعض منه فهو شخصية فذه وعالم فحل له عديد المؤلفات عُرف بملازمته لعدد من ملوك هذه الديار المباركة حتى لقب بـ(مستشار الملوك) ولولا أنه ناصح أمين ومستشار حكيم لما حظي بمثل هذه الثقة من ملوك آل سعود بدءاً من الملك خالد رحمه الله ونهاية بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي العهد محمد بن سلمان حفظهما الله.
وفي مقام الرثاء والتأبين هذا لن أتحدث عن محاسنه ومناقبه فالكثير من المقربين منه والملازمين له تحدث وأطنب وفصل فيها وأفاض وما كتب غيض من فيض وقد أحسنوا وأجادوا ولا حديث بعد حديثهم ولكن سأتحدث عن موقف لي معه يكشف صفة التواضع والبساطة لدى الشيخ رحمه الله.
فقد دُعيت من قبل الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العقيل رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق إلى مناسبة في بيته العامر فدخلت المجلس وسلمت على الحضور وجلست وكان الشيخ ناصر الشثري موجوداً فسأل الشيخ ابن عقيل من هذا؟ فقال هذا سليمان الحناكي الرئيس السابق لبلدية الخرج وهو ابن الشيخ سالم الحناكي فقام الشيخ ناصر وسلم علي بحرارة وشد على يدي ودعاني مع الحضور إلى تناول الغداء في مزرعته والتفت إلى الشيخ منصور المالك رحمه الله رئيس ديوان المظالم في ذلك الوقت وإلى الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة فأوصاهم أن يأتوا بي معهم إلى المزرعة لأني لا أعرف موقعها.. وفي الموعد حضرنا إلى مزرعته فأحتفى بنا بشدة وأخذ بيدي وطاف بي على الحضور واحداً واحداً وهو يعرفهم بي وانصرفنا شاكرين له حفاوته وتواضعه وكرمه.
وكان الوعد أن يكون بيننا تواصل ولكن توعكت صحياً وسافرت للعلاج بالخارج وانقطعت عنه وكان رحمه الله أيضاً لديه ظروفه الصحية فلم يتسن الالتقاء به حتى وفاته فقد أحببناه بالله ولله والذين كتبوا عن الشيخ أجادوا وأفادوا جزاهم الله خير الجزاء فأنتم شهود الله في أرضه وبهذه المناسبة وكما يقال الابن سر أبيه فقد أدركت جزءاً من حياة والده الشيخ عبدالعزيز الشثري «أبو حبيب» في عهد الملك سعود رحمه الله وهو من أبرز العلماء والمشهورين في عصره ومقدراً من ملوك هذه البلاد فهذا الشبل من ذاك الأسد.
والشيخ ناصر خلّف ذرية مباركة وعلى رأسهم معالي الشيخ سعد الشثري عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي وله نشاط دعوي وعلمي كبير ندعو الله ان يوفقه فهو خير خلف لخير سلف.
ونسأله تعالى أن يتغمد الشيخ ناصر بواسع رحمته وأن يحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً والحمد لله رب العالمين.
** **
- سليمان السالم الحناكي