د.عبدالعزيز العمر
الدافع لكتابة هذا المقال هو موقف اطلعت عليه، ومضمونه أن أحد الطلاب كان فاقداً إحدى عينيه، وفي إحدى المرات ناداه معلمه (ربما من باب المزاح بحسب رأي المعلم)، بقوله (يا الأعور)، ربما لا يتصور ذلك المعلم الأذى النفسي والجرح العميق الذي سببه لهذا الطالب. وفي بعض الحالات يبقى هذا الجرح مفتوحاً بقية حياة الطالب. بالطبع أنا هنا لا أعمم على كل المعلمين مثل هذا السلوك المدمر لنفسية الطالب، ولكنه في النهاية يبقى سلوكاً مرفوضاً من أي معلم كان. ربما يجهل البعض أن كلمة جارحة ونابية تقال بحق الطفل فتهوي به في مكان سحيق، وربما يسمع الطالب من معلمه كلمة ثناء على أدائه فيرفعه ذلك إلى أعالي السموات، ويدفعه إلى مزيد من الإنجاز. اشتكى طالب أن معلماً يناديه في الفصل بقوله (أنت يا أبو كوت أصفر)، واشتكى طالب آخر عندما أخرج قدمه خارج مقعده من قول المعلم له (ادخل رجلك عساها للكسر). في إحدى مناسبات التخرج الجامعي تم توجيه السؤال التالي إلى بعض الخريجين: من هو المعلم الذي بقي في ذاكرتك بعد هذه الرحلة الطويلة مع التعليم؟ وكانت إجابة الطلاب مفاجئة للسائل، لم يقل الطلاب إن المعلم الذي بقي في ذاكرتهم هو ذلك المعلم الذي تميز بعمق واتساع معرفته العلمية التخصصية، بل اتفق الطلاب على أن المعلم الذي بقي في ذاكرتهم هو ذلك المعلم الذي أبدى اهتماماً شخصياً بهم وأظهر حرصاً عليهم واحترم كرامتهم وقدر مشاعرهم وحاجاتهم الشخصية.