عبدالله الهاجري - «الجزيرة»:
أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، رئيس اللجنة العليا للنقل والخدمات اللوجستية -حفظه الله-، يوم الثلاثاء 19/ 11/ 1442هـ الموافق 29/ 6/ 2021م، الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي تهدف لترسيخ مكانة المملكة مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط القارات الثلاث، والارتقاء بخدمات ووسائل النقل كافة، وتعزيز التكامل في منظومة الخدمات اللوجستية وأنماط النقل الحديثة لدعم مسيرة التنمية الشاملة في المملكة.
وتتضمن الإستراتيجية حزمة من المشروعات الكبرى الممكِّنة لتحقيق المستهدفات الاقتصادية والاجتماعية، واعتماد نماذج حوكمة فاعلة لتعزيز العمل المؤسسي في منظومة النقل، وبما يتفق مع تغير مسمى الوزارة من وزارة النقل إلى وزارة النقل والخدمات اللوجستية. وقال سمو ولي العهد: «إن هذه الإستراتيجية ستسهم في تعزيز القدرات البشرية والفنية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية بالمملكة، وستعزز الارتباط بالاقتصاد العالمي، وتمكن بلادنا من استثمار موقعها الجغرافي الذي يتوسط القارات الثلاث في تنويع اقتصادها؛ من خلال تأسيس صناعة متقدمة من الخدمات اللوجستية، وبناء منظومات عالية الجودة من الخدمات، وتطبيق نماذج عمل تنافسية لتعزيز الإنتاجية والاستدامة في قطاع الخدمات اللوجستية؛ بوصفه محوراً رئيسياً في برامج رؤية المملكة 2030، وقطاعاً حيوياً ممكِّناً للقطاعات الاقتصادية، وصولا لتحقيق التنمية المستدامة».
وبين سموه أن الإستراتيجية تركز على تطوير البنى التحتية، وإطلاق العديد من المنصات والمناطق اللوجستية في المملكة، وتطبيق أنظمة تشغيل متطورة، وتعزيز الشراكات الفاعلة بين المنظومة الحكومية والقطاع الخاص لتحقيق أربعة أهداف رئيسة هي: تعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي، والارتقاء بجودة الحياة في المدن السعودية، وتحقيق التوازن في الميزانية العامة، وتحسين أداء الجهاز الحكومي. وأضاف، أن الإستراتيجية تستهدف النهوض بالمملكة العربية السعودية لتصبح في المرتبة الخامسة عالمياً في الحركة العابرة للنقل الجوي، وزيادة الوجهات لأكثر من 250 وجهة دولية، إلى جانب إطلاق ناقل وطني جديد، بما يمكن القطاعات الأخرى مثل الحج والعمرة والسياحة من تحقيق مستهدفاتها الوطنية، وإضافة إلى ذلك ستسعى الإستراتيجية إلى رفع قدرات قطاع الشحن الجوي من خلال مضاعفة طاقته الاستيعابية لتصل إلى أكثر من 4.5 ملايين طن.
وعلى صعيد النقل البحري قال سمو ولي العهد: إن الإستراتيجية تستهدف الوصول إلى طاقة استيعابية تزيد على 40 مليون حاوية سنوياً، مع ما يعنيه ذلك من استثمارات واسعة في مجال تطوير البنى التحتية للموانئ وتعزيز تكاملها مع المناطق اللوجستية في المملكة، وكذلك توسيع ربطها بخطوط الملاحة الدولية؛ بحيث تتكامل مع شبكات الخطوط الحديدية والطرق، مما يسهم في تحسين كفاءة خطوط منظومة النقل واقتصادياتها. وأوضح سموه أن الخطوط الحديدية تقدم خدماتها في قطاع نقل الركاب والبضائع عبر شبكة يبلغ طولها 5330 كم، من بينها 450 كم في مسار الخط الحديدي لقطار الحرمين السريع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، الذي يعد أكبر مشروع للنقل عالي السرعة في المنطقة، كما ستحقق الإستراتيجية زيادة في مجموع أطوال السكك الحديدية المستقبلية تقدر بـ 8080 كم تتضمن مشروع «الجسر البري» بطول يتجاوز 1300 كم الذي ستتجاوز طاقته الاستيعابية 3 ملايين مسافر، وشحن أكثر من 50 مليون طن سنوياً، بهدف ربط موانئ المملكة على ساحل الخليج العربي بموانئ ساحل البحر الأحمر، مع فتح فرص جديدة وواعدة لهذا الخط عبر مروره بمراكز لوجستية حديثة، ومراكز للأنشطة الاقتصادية والمدن الصناعية والأنشطة التعدينية، وتحسين مؤشر الأداء اللوجستي للمملكة لتكون ضمن قائمة الدول العشر الأولى على مستوى العالم، حيث سيكون لدينا سوق مفتوحة للمشغلين والمستثمرين في السكك الحديدية، وبما يشجع على تحقيق هدف إقليمي مهم يتلخص في تحقيق الربط البيني مع دول الخليج العربي بخط سكة حديدية؛ مما يجعل للمملكة دور مؤثر في اقتصاديات النقل الإقليمي والدولي ومحور ربط للنقل التجاري. وأكد سمو ولي العهد أن الإستراتيجية تستند على ركائز عالية الأهمية؛ تشمل كذلك شبكة الطرق الكبرى التي تعد بلادنا الأولى في ترابطها على مستوى العالم، كما ستكون المملكة - بمشيئة الله - من الدول المتقدمة دولياً على صعيد جودة الطرق وسلامتها، حيث تتضمن الاستراتيجية العديد من المبادرات التي تهدف لخفض أعداد ضحايا الحوادث إلى الحد الأدنى؛ أسوة بأفضل التجارب العالمية، وتحقيق كفاءة الربط وتطوير خدمات النقل العام في المدن السعودية بالتوازي مع تحقيق المستهدفات على صعيد الاستدامة والمحافظة على البيئة وتقليل استهلاك الوقود بنسبة 25%، وتوفير حلول ذكية لتسهيل تنقل المسافرين بين المدن ونقل البضائع وفقا لأحدث التقنيات المطبقة عالماً. وأشار سموه إلى أن أحد الأهداف الرئيسية للإستراتيجية يتمثل في زيادة مساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في إجمالي الناتج المحلي الوطني، فبينما يبلغ إسهام هذا القطاع حالياً في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة حوالي 6%، تستهدف الإستراتيجية زيادة إسهامه إلى 10% من خلال تصدر قطاع النقل والخدمات اللوجستية مراتب متقدمة لدعم الاقتصاد الوطني، وتمكين نمو الأعمال وتوسيع الاستثمارات، وزيادة ما يضخه هذا القطاع من إيرادات غير نفطية بشكل سنوي ليصل إلى حوالي 45 مليار ريال في عام 2030م.
وفي الختام قال سمو ولي العهد: «فخورون بما تحقق من إنجازات في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ونتطلع للمضي قدماً لتحقيق المزيد من القفزات التي تليق بوطننا الغالي وما يستحقه من مكانة ريادية؛ عبر تكثيف الجهود وتحقيق المزيد من النجاحات؛ مدعومين بعطاء شعب طموح عالي الهمة، وكلنا ثقة بكوادرنا الطموحة لتحقيق المستهدفات الوطنية وفق رؤية المملكة 2030».
رحلة الـ70 عامًا
في رحلة طويلة تتواصل نجاحاتها الوطنية إلى أيامنا الحالية، بدأت وزارة النقل قبل 70 عاماً -بمسماها السابق «وزارة المواصلات»- مشوار الألف ميل. ومنذ أن عهد إليها الإشراف على كافة الجوانب المتعلقة بالمواصلات من طرق وسكك حديدية وموانئ في المملكة، وعلى مدى هذه العقود السبعة، حققت العديد من النجاحات الكبيرة، فأسست العديد من المؤسسات، وأقامت العديد من المشروعات التي رسمت الطريق نحو تطوير منظومة النقل.
نشأة الوزارة
أُنشئت الوزارة عندما حدد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه- استراتيجيته الخاصة بمشروعات الطرق، وحدد لها محاورها التي كان أهمها تحقيق الأمن على الطرق التي تربط مدن المملكة ومناطقها المتباعدة؛ سواء كانت طرق القوافل أو السيارات، وإعطاء الأولوية للطرق التي تخدم الأهداف الأمنية وتحققها؛ وذلك من خلال رحلاته الملكية المتعددة من الرياض إلى مكة المكرمة، ومن جدة إلى الرياض مروراً بالمدينة المنورة، ومن الرياض إلى المدينة المنورة، ومن الرياض إلى الأحساء والكويت.
كانت البداية بإصلاح الطريق بين مكة المكرمة وجدة وتعبيده، والعناية بكافة الطرق التي تربط مدن الحجاز ببعضها البعض مثل طريق مكة المكرمة - الطائف، الذي بدأت السيارات تتنقل عبره منذ ربيع الأول 1346هـ/ سبتمبر 1927م، ثم أمر الملك عبد العزيز بالبحث عن مسار طريق جديد يربط بين مكة المكرمة والطائف، بدلا عن الطريق القديم، فأرسلت أمانة مكة المكرمة لجنة توصلت إلى مسار طريق يبدأ من مكة المكرمة ويمر بالشرائع - خروب - الشرقة - حمى النمور - وادي محرم - جماجم - وادي المسرة - الطائف، وقامت أمانة العاصمة برفع تقرير عن الطريق للملك عبد العزيز الذي أمر ببدء العمل لإنجازه.
وأمر الملك عبد العزيز بتعبيد طريق مكة المكرمة - نجد في شهر ذي القعدة من عام 1348هـ/ أبريل 1930م وبدأ العمل بتمهيده وإزالة العقبات التي كانت تعيق سيارات المسافرين. وبحلول ربيع الأول 1350هـ/ يوليو 1931م، انتهى إنجاز الإصلاحات وفُتح لحركة السيارات.
ومنذ موسم حج عام 1345هـ/ 1927م بدأت السيارات في منافسة القوافل؛ حيث استخدمت في نقل الحجاج لأول مرة في ذلك العام، كما اهتمت حكومة الملك عبد العزيز بطرق المشاعر، ومن أهمها طريق مكة المكرمة -منى -عرفات الذي بدأت عمليات إصلاحه وتعبيده عام 1346هـ/ 1927م. وفي عام 1348هـ/ 1929م أصدر الملك عبد العزيز أمره بفتح أربعة شوارع في منى لتسهيل حركة الحجيج.
ووفقاً للمجلة الشهرية «النقل» الصادرة من الوزارة في عددها الأخير، كانت الطرق الممهدة لاستخدام السيارات في نجد قليلة قبل عام 1343هـ، وعندما توجه الملك عبد العزيز في رحلته الأولى من نجد إلى الحجاز سنة 1343هـ/ 1924م، استقل السيارات سالكاً طريقاً مُمهداً من الرياض إلى الدرعية، وفي عام 1345هـ/1926م أمر الملك عبد العزيز بإصلاح الطريق بين المدينة المنورة والرياض، مرورا بالقصيم، وانتهى العمل على تعبيد الطريق من المدينة المنورة إلى الحناكية ثم القصيم في جمادى الثانية عام 1345هـ/ ديسمبر 1926م.
نشأة وزارة المواصلات
أنشئت وزارة المواصلات، بموجب المرسوم الملكي رقم 5-19-1-4100 الذي صدر في 28 ذي الحجة سنة 1372هـ/ 7 سبتمبر 1953م، ويندرج تحت مظلتها الطرق، النقل البري، النقل البحري والموانئ والمرافئ، سكة الحديد، وكالة البرق والبريد والهاتف، وعُيِّن سمو الأمير طلال بن عبدالعزيز أول وزيرٍ لها، تلاه سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز ثم صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز؛ الذين أولوا إنشاء الطرق اهتمامهم، وسار على هذا النهج جميع الوزراء الذين أوكلت لهم مهام وزارة المواصلات، وهم بالترتيب الشيخ عبدالله السعد، الشيخ محمد المرشد الزغيبي، الشيخ محمد عمر توفيق، ثم الشيخ حسين منصوري -رحمهم الله جميعاً-، واختتم الدكتور ناصر السلوم عهد وزارة المواصلات؛ إذ تغير اسم الوزارة من بعده إلى وزارة النقل التي تعاقب عليها عدد من الوزراء حتى يومنا هذا.
وبدأت شبكة الطرق في المملكة في النمو والامتداد. وقد ربطت الشبكة التي أنجزتها وزارة المواصلات أجزاء المملكة المترامية الأطراف بعضها ببعض من جهة، والمملكة بالدول المجاورة من جهة أخرى. وقد شهدت أطوال الطرق زيادة كبيرة خلال خطط التنمية الخمسية التي بدأت في عام 1390هـ/ 1970م وحتى عام 1420هـ/ 2000م، وصُنِّفت ورُقِّمت ووضع نظام متكامل يختص بالسلامة المرورية على الطرق يتضمن وضع اللوحات الإرشادية، وكل عناصر السلامة اللازمة.
لم تقتصر إنجازات وزارة المواصلات على ما حققته داخل المملكة، بل قدمت المشورة الفنية والتقنية للصندوق السعودي للتنمية، حيث قام الصندوق بتمويل 35 مشروعاً وبرنامجاً للطرق في أفريقيا، و15 في آسيا، ومن بين الدول المستفيدة من مشروعات الطرق بوركينا فاسو ورواندا وزامبيا ومالي ومصر وموريتانيا والسنغال ولبنان وجزر القمر وجيبوتي وسوريا والأردن وإندونيسيا وباكستان والبحرين وغينيا بيساو وكينيا وليبيريا.
ومن المشروعات الرائدة التي نفذتها وزارة المواصلات جسر الملك فهد الذي ربط المملكة العربية السعودية بالبحرين براً بطول 25 كلم، والذي افتُتح في 24 ربيع الأول 1407هـ/ 26 نوفمبر 1986م، ويعد ثاني أطول جسر في العالم بعد جسر بحيرة بونشارتين بولاية لويزيانا الأمريكية الذي يبلغ طوله 38.5 كلم.
وفي عام 1395هـ (1975م) حين أُعيد تشكيل وزارات الدولة ومؤسساتها العامة، أُنشئت المؤسسة العامة للموانئ والمؤسسة العامة للسكك الحديدية، وأصبحت الوزارة منذ ذلك التاريخ مسؤولة عن تخطيط وتصميم وإنشاء وصيانة الطرق والجسور. ثم أُنشئت وكالة متخصصة للنقل، مسؤولة عن التخطيط والإشراف على قطاعي النقل البري والبحري والتنسيق بين وسائله المختلفة، إضافة إلى إعداد اللوائح المُنظِّمة لمختلف قطاعات النقل وإصدار التراخيص اللازمة لممارسة أنشطة النقل البري والبحري. وفي عام 1424هـ (2003م) تم تغيير مسمى وزارة المواصلات إلى وزارة النقل.
دور ومهام وزارة النقل
تعمل وزارة النقل على تنسيق أعمال منظومة النقل؛ حيث تلعب دور الجهة المشرعة لجميع أعمال التخطيط والتنفيذ اليومية لخدمات النقل البري والبحري والجوي داخل المملكة، وتحرص على ربط المملكة بالعالم كمركز لوجستي دولي، وكحلقة وصل بين القارات الثلاث. كما أنها تقدم خدمات فعالة لكافة المستفيدين في المملكة، استناداً إلى رؤية تهدف لتطوير قطاع النقل، وتحقيق التناغم والتكامل الحقيقي بين كافة قطاعات النقل البرية والبحرية والجوية؛ مما يساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية، والقدرة التنافسية للمملكة على المستوى الدولي.
وقد وضعت الوزارة لها أهدافاً محددة، من أهمها رفع كفاءة الأداء وتعزيز معايير الجودة والشفافية في أنشطتها من خلال أتمتة الأعمال، وتطوير إجراءات العمل وتوضيحها ثم نشرها عبر الوسائل الإلكترونية والإعلامية المناسبة، بالإضافة الى رفع كفاءة القوى العاملة لديها. كما سعت إلى توسيع مصادر تمويل إنشاء وصيانة مرافق النقل، عبر تعزيز دور القطاع الخاص وإشراكه في تمويل وتشغيل قطاع النقل، الذي يشكّل عصب الاقتصاد الوطني، ويلعب دوراً رئيسياً في التنمية المستدامة. فلا شك أن نمو الاقتصاد وتحقيق استدامة التنمية بشكل كبير يعتمد على توفّر بنية تحتية من الطرق ووسائل النقل متعددة الوسائط.؛ وهو ما يجعل قطاع النقل أحد أهمّ القطاعات التي تساهم بشكل فعال في النهضة الاقتصادية للمملكة، وبلوغ الأهداف المحددة لاستراتيجية التنمية.
واستجابة لمسؤولياتها على هذا الصعيد، أعدت الوزارة استراتيجية متكاملة بمشاركة القطاع الخاص تهدف إلى رفع مستوى خدمات النقل البري والبحري والجوي، وفق معايير تقنية متطورة وجودة عالية، وبما يسهم في نقل الخبرات والتجارب العالمية، وتحفيز تطور الناقل الوطني، والتوسع في تطبيق أنظمة النقل الذكية على الطرق وفي المركبات بأنواعها لرفع مستوى السلامة. كما فعّلت عدداً من مبادرات السلامة على الطرق لخفض وفيات الحوادث من خلال مجموعة من الإجراءات قامت بتطبيقها في مختلف طرق المملكة، وعملت على زيادة فاعلية مختلف وسائل النقل، وعلى تخفيض تكلفة دورة حياة الطرق وتحسين الأداء من خلال الاستفادة القصوى من البنية التحتية المتاحة.
وكذلك سنت وزارة النقل التشريعات المنظمة للنقل، ودعمت القطاع الخاص لإنشاء وتشغيل محطات النقل متعدد الوسائط للركاب والبضائع ومراكز النمو اللوجستية، ورفع كفاءة الأداء وتعزيز معايير الجودة والشفافية في أنشطة الوزارة من خلال أتمتة الأعمال وتطوير الإجراءات وتوضيحها ونشرها عبر قنوات التواصل المناسبة، ورفع كفاءة القوى العاملة لديها، والتوسع في تطبيقات الأنظمة الإلكترونية في كافة قطاعات النقل للتحول الكامل للتعاملات الإلكترونية، وتوسيع مصادر تمويل إنشاء وصيانة مرافق النقل, وقامت بدراسة مجموعة من المشروعات الهادفة إلى تحقيق إيرادات من أصول الطرق. كما عملت على إعداد برامج للخصخصة من خلال تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص في بناء وتشغيل وصيانة الطرق بطرق علمية، والاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال بما يُعزز دور القطاع الخاص ومشاركته في تمويل وتشغيل قطاع النقل.
ولتطوير الأداء والاستجابة لمتطلبات العمل في المرحلة الحالية والمستقبلية اعتمدت الوزارة هيكلاً تنظيمياً متوافقاً مع احتياجات العمل شمل استحداث وكالات وإدارات جديدة تتلاءم مع طموحات وأهداف رؤية المملكة 2030، ومنحت صلاحيات لمديري عموم فروع وزارة النقل بمناطق المملكة لتسهيل قيامهم بدورهم الإشرافي على مشروعات الطرق في مناطقهم، منها استحداث إدارة للخدمات المشتركة في الفروع تقوم بالدور التنسيقي المتكامل، وواكب ذلك توحيد قطاعات النقل في المملكة تحت مظلة واحدة؛ مما يؤدي إلى توحيد الإجراءات وتعزيز كفاءة التشغيل والأداء وخفض المصروفات.
الدور الإشرافي لوزير النقل
وقد صدر قرار من مجلس الوزراء عام 2016م يقضي بأن يكون لوزير النقل دور إشرافي على قطاع النقل الجوي، حيث يشغل معالي وزير النقل منصب رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، وهي الجهة التي تتولى الإشراف على اللوائح التشغيلية ولوائح السلامة، وعلى خدمات الملاحة الجوية والعمليات في مطارات المملكة التي يبلغ عددها 27 مطاراً، بينها خمسة مطارات دولية، و12 مطاراً إقليمياً، و10 مطارات داخلية، والتي تقدم جميعها كافة الخدمات للمسافرين جواً.
خلال رحلتها التي انطلقت قبل 70 عاماً
وزارة النقل تستند إلى المقاييس العالمية في تنفيذ مشروعات الطرق بالمملكة
حرصت وزارة النقل منذ انطلاق رحلتها قبل 70 عاماً بمختلف مسمياتها على الاستناد للمقاييس العالمية في تنفيذ مشروعاتها لتطوير الطرق في المملكة؛ وذلك بما يواكب تطلعات القيادة الرشيدة التي وضعت راحة المواطن والمقيم في المقام الأول، إضافة إلى حرصها على تيسير الحركة التجارية والاقتصادية. وقد بلغ أطوال الطرق التي نفذتها الوزارة في مجمل مشاريعها أكثر من 71,500 كيلومتر، صُممت استناداً إلى مقاييس عالمية لربط المدن الرئيسية ببعضها البعض، مع إمكانية التوسع في المستقبل لخدمة حركة النقل الكثيفة فيما بينها. وتعد الطرق السريعة التي تجاوز مجموع أطوالها 5 آلاف كيلومتر في كافة مناطق المملكة من المشروعات المهمة التي نفذتها الوزارة، وتقوم على صيانتها والإشراف عليها باستمرار.
أبرز مشاريع الطرق
ومن أهم الطرق السريعة التي نفذتها الوزارة: طريق الرياض/الدمام السريع بطول (383) كلم، طريق الرياض/القصيم السريع بطول (317) كلم، طريق القصيم/ المدينة المنورة بطول (448) كلم، طريق الرياض/ الطائف/ مكة المكرمة السريع بطول (820) كلم، طريق مكة المكرمة/ جدة السريع بطول (70) كلم، طريق جدة/ المدينة المنورة السريع بطول (410) كلم، طريق مكة المكرمة/ الطائف السريع (السيل) بطول (70) كلم، وأخيراً طريق مكة المكرمة/ المدينة المنورة السريع بطول (421) كلم.
تنفيذ الطرق الدائرية والثانوية
كما قامت وزارة النقل في إطار رؤيتها الطموحة بتنفيذ العديد من الطرق الدائرية في بعض المناطق والمدن في البلاد، إضافة إلى مد الجسور التي يبلغ عددها اليوم أكثر من خمسة آلاف جسر. هذا إلى جانب حرصها على إتمام تذليل العقبات في المناطق الجبلية الصعبة جنوب المملكة، كما قامت بإجراء العديد من أعمال الصيانة للطرق الداخلية التي تربط المدن والمحافظات ذات المنطقة الواحدة، مع اتصالها ببقية المناطق الأخرى.
ويندرج في إطار مشروعات الوزارة للطرق الرئيسية والسريعة وتطويرها تنفيذ الطرق الثانوية المتفرعة منها، التي تخدم مختلف النواحي المأهولة من بلدات وقرى وهجر، مع ما يتضمنها من وضع إشارات وعلامات للطرق وأنظمة النقل الذكية (ITS)، وصيانة الطرق والاهتمام بقواعد السلامة فيها.
وتعمل وزارة النقل على استكمال المشروعات الحيوية والمهمة من خلال إنشاء غرفة للتحكم بنظام النقل الذكي، ونظام المراقبة والتحكم بالأنفاق، مع تفعيل عقود الصيانة العادية والكهربائية والوقائية، وعقود مسح وتقييم الجسور والمنشآت على مستوى المملكة من خلال مسح وتقييم وتحديد نمط المعالجة المتوافق مع كل مسارات الطرق، وبدراسة وتطبيق أفضل الممارسات العالمية لتحويلها إلى طرق ذكية.
سواعد وطنية تسير رحلات «قطار الحرمين» بكفاءة وانسيابية
يشكل مشروع «قطار الحرمين السريع» بصمة مميزة وتقله فريدة على خارطة مستقبل صناعة النقل في المملكة، فقد تم تشييد المشروع الحيوي لخدمة ملايين المسلمين من قاصدي الحرمين الشريفين والمسافرين بين مكة المكرمة وجدة ورابغ والمدينة المنورة، وتتولى ذلك أيادٍ وطنية تعمل على إدارة وتشغيل قطار الحرمين السريع بكفاءة واقتدار، وبروح الفريق الواحد، إذ يعمل في محطة قطار الحرمين بالمدينة المنورة شباب وفتيات سعوديون في مختلف المهن الأساسية بروح مفعمة بالبدل والجد، وبمهنية عالية، وتتوزع أعمالهم على مكاتب الاستعلامات بالمحطة، حيث يحصل الراكب على كافة المعلومات المتعلقة برحلته، والجدول الزمني للرحلات وأسعارها، والخدمات التي توفرها المحطة للمسافرين، وتلك المتوفرة داخل القطار، وخدمات ما بعد البيع، إلى جانب متابعة المفقودات وتلقي التبليغ عنها، سواء داخل المحطة او لدى استلامها. ويتفانى الشباب والفتيات السعوديون في أداء أعمالهم بحرفية لتنظيم وصول المسافرين والمحافظة على سلامتهم وأمنهم والتقيد بجميع التعليمات المتعلقة بتطبيق الإجراءات الاحترازية منذ لحظة وصول الراكب للمحطة، والتأكد من حالته الصحية من خلال تطبيق «توكلنا» وقياس درجة حرارته، وإنجاز الإجراءات حتى جلوسة في المقعد المخصص خلال مدة وجيزة، والتقيد بإجراءات التباعد الجسدي داخل عربات القطار حتى وصوله إلى وجهته.
وتبرز في المحطة الجهود المقدمة للأشخاص من ذوي الإعاقة ممن يحتاجون للمساعدة، حيث يتم توفير أفضل الخدمات لهم بما في ذلك اسعار التذاكر المخفضة، وتوفير الكراسي المتحركة التي تساعدهم على التنقل بسهولة بين أرجاء المحطة حتى لحظة انطلاق الرحلة. ويقف على أبواب عربات القطار شبان سعوديون لاستقبال المسافرين لحظة وصولهم إلى عربات القطار قبيل انطلاق الرحلة للتأكد من بياناتهم ومطابقة رقم المقعد بالحرية المخصصة ومساعدة الراكب في الوصول إلى مقعده المخصص سواء في الدرجة السياحية أو درجة الأعمال، في حين ينهمك شبان آخرون في تجهيز وجبات الطعام والمشروبات لتقديمها للمسافرين خلال الرحلة، والتي تشمل القهوة والشاي والأطعمة كالساندويتشات والمقبلات والوجبات الرئيسية التي توفرها الشركة المشغلة بخيارات متنوعة، إضافة إلى العصائر والمشروبات الباردة.
86 % نسبة السعوديين في الشركة
د.بشار المالك: دمج الخطوط الحديدية تحت مظلة «سار» يسهم في تحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي
أكد الرئيس التنفيذي للخطوط الحديدية السعودية «سار» الدكتور بشار بن خالد المالك أن وضع إدارة الخطوط الحديدية تحت مظلة واحدة، يعد أحد الممكنات التي تسهم في تنفيذ رؤية 2030 نحو تحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي، وتهيئة الكوادر الوطنية المتخصصة لإدارة قطاع الخطوط الحديدية وتشغيله بأعلى درجات الكفاءة وأدق معايير السلامة. وكشف أن نسبة التوطين في «سار» بلغت نحو 86 %، ونوه إلى وجود فرص استثمارية واعدة في قطاع السكك الحديدية، وأنها ستوفر آلاف الفرص الوظيفية أمام أبناء الوطن الطموحين، لافتاً إلى أن الشركة تمتلك من الإمكانات ما يجعلها في مصاف الشركات الأولى على مستوى المنطقة والعالم، مبيناً أن «سار» تعتزم رفع السعة التشغيلية على خط الدمام - الرياض من خلال مشاريع تحت التنفيذ لإكمال ازدواجية الخط الحديدي، مؤكداً حرصها على توفير كافة وسائل الراحة والأمان للمسافرين على متن قطاراتها.
وعن أهمية أن تكون الخطوط الحديدية تحت مظلة واحدة، قال «المالك» إن إدارة الخطوط الحديدية تحت مظلة واحدة يعد أحد الممكنات التي تسهم في تنفيذ رؤية 2030 نحو تحويل المملكة إلى مركز لوجستي عالمي ويفتح آفاقاً أوسع لمرحلة تطويرية جديدة على مختلف الأصعدة الاستثمارية والتشغيلية والخدماتية، وستسهم تلك الخطوة في تخصيص بعض أعمال قطاع النقل بما يحقق الاستثمار الأمثل للموارد، وتنفيذ الرؤية الاستراتيجية للقيادة نحو تطوير قطاع الخطوط الحديدية في المملكة إلى جانب استثمار إمكانات المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، وإبراز الخدمات المتميزة المقدمة على شبكة «سار» في مجالي البضائع والركاب مع تطويرها وتوحيدها وعدم رفع الأسعار، بالإضافة إلى رفع نسب التوطين في إدارة وتشغيل مشاريع الخطوط الحديدية وزيادة المحتوى المحلي في الصناعات المساندة.
أما عن الأهداف الاستراتيجية للشركة خلال 2021-2025، فقد أكد أن «سار» أصبحت الآن أكبر شركة خطوط حديدية في المنطقة، وتخطط لتعظيم الاستفادة من الاستثمارات الضخمة التي قامت بها حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين، والالتزام بتقديم خدمة متميزة تحوز رضا عملائها، ومواصلة دعم الشركات المحلية وزيادة المحتوى المحلي والحرص على استقطاب أصحاب الكفاءات والخبرات المتميزة في المملكة والمحافظة عليها، مع مراعاة تقليل الحوادث والانبعاثات الكربونية، وتطوير البنية التحتية للخطوط الحديدية في المملكة لتصبح الأفضل في المنطقة.
وعن نسبة التوطين في الشركة حالياً، وهل شهدت زيادة مقارنة بالسنوات الماضية، أوضح الرئيس التنفيذي لـ«سار» أن الشركة خطت خطوات واثقة في مجال التوطين، فقد فتحت المجال أمام أبناء وبنات الوطن الطموحين للمساهمة في بناء خطوط حديدية متميزة وتشغيلها ونفخر بأن نسبة السعوديين في الشركة وصلت خلال عام 2021 إلى 86% مقارنة بـ60 % في عام 2015 ووصلت نسبة قائدي القطارات السعوديين حاليًا إلى 82 % مقارنة بـ4 % فقط عام 2015، فيما ارتفع عدد مراقبي حركة القطار من السعوديين خلال عامين من (صفر) إلى 47 مراقباً من أصل 51 مراقب مرور يعملون في الشركة.