سلمان بن محمد العُمري
من الملاحظ لدى جميع عقود الإيجار والانتفاع في سلع كثيرة كالسيارات أو المنازل وحتى الاستراحات، وكل ما ينتفع به لمدة وجيزة أو طويلة اختلاف العقود وتباينها من جهة لأخرى، وقد تتضمن بعض العقود الطويلة ذات الأحرف الصغيرة شروطاً مجحفة لا تحمي حق صاحب الملك بل تخسف بالمستفيد المؤقت وهي شروط مخالفة شرعاً ونظاماً، وقد وضعت لمزيد من الاستغلال، وعن طريق الاستغفال وليس فيها إنصاف ولا عدل.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تقوم وزارة التجارة بالتعاون مع الغرف التجارية بتوحيد عقود الإيجارات والبيوع والاستثمار والانتفاع وسائر المعاملات التجارية التي تقوم بها المؤسسات والشركات والبنوك وحماية حقوق كافة الأطراف، ولا يمنع أن يكون لكل مجال أنموذج أو أنموذجان وحتى ثلاثة من العقود مستوفاة الشروط لا تزيد ولا تنقص وتعمم على الجهات ذات العلاقة.
حينما تريد تستأجر سيارة تجد بعض الشركات توقعك على مجموعة من الأوراق فيها من الشروط ما يحتاج لقراءته لنصف ساعة على الأقل مع استخدام مكبر للقراءة، وفي محل آخر قد لا تجد هذه الأوراق ولا الشروط أو تجد أضعافها فكل يغني على ليلاه، وكذلك الحال بالنسبة لعقود تمويل السيارات عن طريق البنوك ومؤسسات التمويل فكل يضع عقوداً من عنده مع ما فيها من المخالفات والإجحاف وقد يحتاج من يشتري عن طريقهم بنظام التمويل أو التأجير المنتهي بالتملك لتوقيع ما يزيد على عشرة أوراق ملئت بالشروط المعقدة والطلاسم التي لا يفكها حتى أمهر القانونيين، والغلبة في النهاية بكل تأكيد على العميل الذي ينطبق عليه قول الشاعر:
المُستجيرُ بعمرو عند كربتهِ
كالمستجير مِن الرمضاءِ بالنارِ
ومن الخطوات الإيجابية التي تستحق الشكر العقود الإلكترونية لتأجير المنازل، فهذه العقود المحكمة والمنظمة قضت على كثير من الاجتهادات التي كانت تضعها بعض المكاتب العقارية أو أصحاب العقار، ولكن الطامة الكبرى أن بعض العقود الأخرى كإيجار الاستراحات والمنتجعات مثلاً هي الأخرى امتد لها (مزاجية) المستثمرين في فرض شروط، وهذه أمثلة، وإلا فهناك أيضاً عقود مكاتب الاستقدام وعقود كثيرة جداً تتطلب الالتفاتة من مقام وزارة التجارة، ووزارة الموارد البشرية وأن تحرص على ترتيبها وتنظيمها مع اللجان والجمعيات والهيئات المختصة في الغرف التجارية منعاً للتلاعب وحفظاً لحقوق جميع الأطراف، وأتمنى أن تحذوا الوزارة حذو عدد من الجهات الحكومية الأخرى التي وحدت بعض العقود، وأراحت جميع الأطراف بل وحتى الجهات القضائية والأمنية، وحدت من كثرة المشاكل والشكاوي الطويلة، وقبل هذا حفظت الحقوق للجميع.
ونحن ولله الحمد لدينا من التطور في استخدام التقنية مما يضرب فيه المثل في الجودة والإتقان وسعة الانتشار وسهولة الاستخدام، وليس بمعجز أن يتم توحيد كافة العقود التجارية وربطها إلكترونياً، وسوف تتحقق فيه مكاسب عديدة منها حفظ السجلات التجارية والمحاسبية من التلاعب الضريبي، وحفظ حق الدولة -أيدها الله-، ثم حفظ حقوق كافة الأطراف، كما أن الربط الإلكتروني بعد توحيد العقود إسهام في الحد من التستر التجاري فتصبح كافة العمليات التجارية مكشوفة، وهناك فوائد كثيرة لا يمكن حصرها.