أود هنا أن أتحدث ولو بشكل مختصر عن فئة غالية علينا في مجتمعنا الكبير تعاني من حالات نفسية وعقلية تحتاج منا إلى رعاية وعلاج واهتمام بها، فهذا الأمر ليس رأياً فردياً وليس أمراً غائباً عن الجميع، فالمريض النّفسي ينظر له في مجتمعنا مع الأسف الشديد بنظرة قاصرة مليئة بالخرافة والجهل، فالمرض النّفسي والعقلي في تفكير الكثير منا يمثل (وصمة عار) وتحاول بعض الأسر جاهدة التكتم وعدم الإفصاح عن تلك الحالة للآخرين. لذا تدعي بعض الأسر التي لديها مريض نفسي سواء -ابن أو أخ أو بنت أو أم أو أب- أنه مصاب بالسّحر أو العين أو المس! وتسعى أسرة المريض النّفسي نتيجة لهذه الأقوال أو بعض التّفاسير الخاطئة إلى أخذ المريض إلى المعالجين الشعّبيين فتراهم يترددون من منزل معالج لآخر أملاً بعد الله له بالشّفاء لهذا المريض وقد يمتد الحال بهم لسنوات طوال، وهكذا يبقى المريض بلا علاج فعّال نتيجة لنقص الوعي ولثقافة العار المنتشرة لدى الكثير، وقد يحبس المريض في المنزل لسنوات طويلة لا يسمح له بالخروج بسبب جهل الأسرة وعدم معرفتها بطبيعة المرض وكيفية التعامل مع المريض وإمكانية علاجه وشفائه مما أصابه، فالمرض النّفسي مثله مثل الأمراض العضوية يمكن علاجه والشّفاء منه. لذا يتعين إيجاد برامج تثقيفية للأهالي حتى يعرف النَّاس طرق التّعامل مع المريض النّفسي وطرق علاجه. وإذا بقي المريض النفسي على حاله بدون علاج طبي فإن حالته سوف تتدهور رويداً رويداً مما يدفعه للقيام بسلوك عدواني والتعرض للغير بالإيذاء الجسدي بالضرب والركل والقذف واللفظ أو ارتكاب جرائم فقد يتحول المريض النّفسي إلى قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة من اللحظات في وجه المجتمع وذلك بسبب سوء الفهم والجهل بطبيعة أصحاب الأمراض النفسية والعقلية وكيفية مواجهتها، ويزيد الأمر سوءاً أنه يوجد من هؤلاء المرضى من يتخلى عنهم سواء أسرهم أو المشافي نتيجة عدم القدرة على السّيطرة عليهم أو عدم وجود أسرة شاغرة فيبقون هائمين في الطرقات والميادين والساحات والحدائق يفترشون الأرصفة والمسطحات الخضراء ويجوبون الأحياء فالأرض فراشهم والسماء لحافهم مشردين ومنبوذين حتى من عوائلهم وقد يتعرض بسبب بقائه داخل الأحياء وفي الميادين وفي الطرقات وفي الحدائق والمسطحات الخضراء بدون مأوى لخطر حوادث المركبات بشتى أنواعها التي تجوب الطرقات والأحياء أو الاستغلال من قبل ضعاف النّفوس وخاصة مروجيالمخدرات بكافة أنواعها وأشكالها.
إن أوضاع المرضى النفسيين بائسة في مجتمعنا مع الأسف الشديد فإن المريض النفسي والعقلي لديه ما يكفيه من معاناة، ومن حق كل مريض نفسي أن يجد العلاج المناسب له والرعاية التامة.
** **
- عبدالعزيز صالح الصالح