زكية إبراهيم الحجي
مع بروز العولمة بمفهومها العام، شكلت نواة وإطاراً عاماً للتكنولوجيا الحديثة.. وبالتالي أخذت التكنولوجيا في التطور والتنامي السريع لتصبح من أهم مقومات الحياة في هذه الحقبة الزمنية التي نعيشها.. طفرة تكنولوجية كسرت القيود وانصهرت في ظلها مختلف الثقافات فشكلت بذلك ثقافة عالمية، أخفت بعضاً لا يُستهان به من الخصوصية الثقافية والاجتماعية للمجتمعات.. وطبعت الإنسان بأنماط سلوكية مختلفة منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي، وذلك يتوقف على طريقة استخدامها وتوظيفها وكيفية التعامل معها، حيث بات من الصعب الاستغناء عنها تحت أي ظرف كان، نظراً لارتباطها الوثيق بالحياة اليومية للإنسان، ليس هذا فحسب بل هي أشبه ما تكون بعجلة محركة للمجالات التي تخدم الإنسانية من اقتصادية وتعليمية.. صحية وثقافية وغيرها من المجالات التي يصعب حصرها نظراً لكثرتها.. ورغم أن التكنولوجيا تحظى بإشادة عظيمة باعتبارها الوسيلة الأمثل لحل المشكلات والتحديات التي تواجه أي مجتمع.. وبفضل التطور التكنولوجي الذي لا حدود له أصبحت الأحلام واقعاً بعد أن تجاوز الإنسان الثورة الصناعية ووصل إلى عصر المعلومات.
ورغم أننا نعيش تطوراً هائلاً في عالم التكنولوجيا وتقنية المعلومات وصار بإمكاننا الوصول إلى كل ما نرغب من خلال ضغطة زر إلا أن المبالغة في الاستخدام نتج عنه سلبيات طال تأثيرها جوانب كثيرة من حياتنا، فبقدر ما تحمله التقنية الحديثة من جوانب إيجابية تعود بالفائدة على المجتمعات فهي أيضاً تحمل جوانب سلبية تؤثر في نمط الحياة التي يعيشها الإنسان.. التكنولوجيا الحديثة سلاح ذو حدين، ولعل أسوأ سلبيات هذه التقنية تتمثل في تأثيرها على الأطفال والمراهقين من خلال مشاهد العنف في ألعاب تعتمد على محاكاة المعارك والحروب بصورة أقرب للواقع.. ويبدو أن مبرمجي هذا النوع من الألعاب فطنوا إلى حجم الإقبال على منتجاتهم، مما يدفعهم ويحفزهم إلى مواصلة تطوير وتحديث هذه الألعاب لتكون أكثر إثارة وجاذبية، مما يطبع ذهن الطفل والمراهق بأشكال مختلفة من العنف والقتال الأمر الذي قد يدفعهم لممارسة ذلك على أرض الواقع.. وتمتد الآثار السلبية للتكنولوجيا على الإنسان والمجتمع ليشمل تأثيرها على العلاقات الأسرية مسببة عزلة اجتماعية وفجوة عميقة بين أفراد الأسرة الواحدة، حيث أصبح لكل فرد عالمه الخاص وهو عالم التواصل الاجتماعي هذا عدا البعد عن عالم الواقع واقتصار التواصل في عالم افتراضي أقل ما يُقال عنه إنه «عالم مزيف» سلبيات كثيرة ومتعددة ويصعب رسم حدودها بين عشية وضحاها.. وما بين إيجابيات وسلبيات يعيش الإنسان في حلم سريالي ناتج عن التطور التكنولوجي حيث لا يمر يوم إلا ونسمع فيه عن اختراع آلة تكنولوجية جديدة ليعيش الإنسان تحت تأثيرها دون أن يفكر ملياً وبعمق عن سلبياتها ومدى خطورة عواقبها عليه وعلى مستقبله، ويبقى السؤال الذي يُطرح.. من يتحكم في الآخر الآلة أم الإنسان؟.