أ.د.عثمان بن صالح العامر
هناك جرائم تهز الوجدان، بل تهز الأرض من تحت أقدامنا، أشدها وقعاً، وأشنعها عنفاً، وأقساها ألماً أن يقتل الإنسان أحد والديه، أو يقتل الوالد أحد أولاده، ولذا عندما تقرأ أو تسمع أو تشاهد هذه الصورة البشعة، تحدث في بلد عربي، وعلى يد مسلم، يعتصر قلبك حزناً، وتتفطر كبدك حسرة وألماً، ولا تجد في قاموس إحسان الظن، والتماس المخارج منزع عذر، ولا مواطن اعتذار.
هذا عن القتل المادي المحسوس للأم، الذي قد نتفق جميعاً على عظم بشاعته، وشدة وقعه، أما القتل المعنوي - الصامت، الذي لا يرى ولا يسمع عنه إلا نادراً، فهو للأسف الشديد موجود لدى شريحة من شبابنا وفتياتنا، تختلف نسبته من شخص لآخر، وتتباين أشكاله، وتتعدد صوره والمحصلة النهائية، (عقوق) كبيرة من الكبائر التي نهى عنها ديننا الحنيف.
ومن بين هذه الصور:
- التأفف من شخصها، وعدم الاكتراث بطلباتها، والتهرب عن الوفاء بمتطلباتها حتى ولو كانت بسيطة، أو أنها صعبة على النفس شاقة.
- تقديم غيرها عليها، بأي صورة من الصور كان هذا التقديم، وأي كانت منزلة وقدر وإعزاز ومحبة هذا المقدم.
- إشعارها بالدونية، وجهلها بما يدور من حديث، والتقليل من قدرها لا سمح الله.
- عدم احترامها حين مخاطبتها، أو عند الاستماع لحديثها، أو الرد عليها فيما قالت.
- احراجها عند الآخرين.
- إهمال اتصالها، وعدم الرد على مهاتفتها لأي سبب من الأسباب.
- الانشغال عنها، والتهاون في زيارتها إن كانت تسكن بعيداً عنها، والتفريط في حقوقها المقررة شرعاً.
- السفر بلا علم منها، وكتمان أخبارك السارة التي تفرحها عنها.
- عدم الدعاء لها، والتصدق عنها، فضلاً عن اعطائها من مالك الذي أنت وهو لها.
- التشكي والتباكي عندها، وإمطارها بالأخبار السيئة التي تضيق صدرها وتكدر خاطرها، وتجلب لها الألم والأمراض.
هذا غيض من فيض، وفي الواقع مما يبصرة كل عاقل لبيب ما يغني عن القول والمقال، وكل خصيم نفسه، وكما تدين تدان، والجزاء كما هو في الآخرة فهو معجل في الدنيا، رزقنا الله وإياكم بر والدينا أحياء وأمواتا، دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود والسلام.