عثمان بن حمد أباالخيل
قد يكون الضمير وسادة من حرير كما وصفه البعض، وقد يكون أيضاً وسادة من شوك، وتعريف الضمير كما ورد في معجم المعاني الجامع استعدادٌ نفسي لإدراك الخبيث والطيب من الأعمال والأَقوال والأَفكار، والتفرقة بينها، واستحسان الحسن واستقباح القبيح منها. والضمير ليس الإدراك كما يعتقد البعض فالإدرك هو وظيفة من وظائف العقل؛ حيث يتلقى العقل المعلومات ويعالجها، ثم يخزنها أو يرفضها ويتم ذلك بمساعدة عدة عناصر وهي: الحواس الخمس. نسمع كثيراً في تفاصيل حياتنا الاجتماعية عبارات عن الضمير ومنها (فاقد الضمير) أو (ضمير ميت)، أو (ضمير حي). ومن يؤنبه ضميره فهي إنسان حي ويخاف من صوت الضمير الذي في داخله، وما أكثر الذين يشعرون بالندم نتيجة ارتكابه خطأ تجاه إنسان آخر. والضمير غير مرئي ولا ملموس لكنه سلطة قوية تؤدي إلى ارتياح الإنسان حين يرتاح مما يقلقه.
الأمم المتحدة تبنت منذ سنتين (عام 2019) بيوم الضمير العالمي، حيث يهدف لتعزيز ثقافة السلام والحُب، ليعيش الناس في عالم يتمتعون فيه بحرية القول والعقيدة، وليحيوا معًا كإخوة بحياة لا خوف فيها ولا فزع، ولنشر السلام والمحبة على مستوى العالم. لكن الضمير عند الإنسان سبق هذا بعقود وربما قرون أو ربما منذ أن خلق الله البشرية. ومما يريح البشر كل البشر في كرتنا الأرضية -حماها الله- أن الغالبية منهم ضمائرهم حية وهذه نعمة كبرى من نعم الخالق على البشر والحمد لله الأقلية القليلة تمثِّل أصحاب الضمائر الميتة.
أتساءل هل يصحو الضمير عند الإنسان قبل فوات الأوان؟ أقتبس (تأنيب الضمير هو الذي يشعرك أنك أسوأ إنسان على وجه الأرض لكن تأكد ما دمت تشعر بذلك التأنيب فأنت من أطهر الناس قلوباً). ويليام شكسبير. جميل وجميل جدًا أن يصحو ضمير الإنسان ولو جاء متأخرًا ويصحح ما ارتكبه من خطأ على اختلاف مسمياته ويطلب الصفح ممن ذاق ويلات الخطأ. إن تأنيب الضمير ليس مرضاً نفسيا، بل دلالة على إن ضميرك حي ويسعي إلى إيقاظه من غفوته لكن للأسف تزداد نسبة تأنيب الضمير حتى يقع فيما يُسمى بجلد الذات، أعوذ بالله من جلد الذات. نحن بشر نخطي أليسَ هذا سبب مُناداتِنا بالبشر؟! عَنْ أَنَس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وابْنُ مَاجَهْ.
أننا نخطئ ولكن نأمل أن يتعلّم الإنسان باتزان من أخطائه، بدون أن يترك أي تداعيات سلبية تؤثّر على ضميره الذي أوشك أن يفيق من سباته. يقيني أن ضمير الإنسان يولد نقياً صفياً كالسماء الزرقاء لكن تقلبات الحياة والنزوات والتغيّرات التي تصاحب الإنسان مع مرور السنين هناك من يتغيّر ضميره وتلوثه بمغيرات الحياة. همسة في آذان أولياء الأمور اغرسوا الضمير لدي أطفالكم وعلموهم ما هو الصواب والخطأ ولا تتركوهم لتصرفاتهم وسلوكهم المعوج. أقتبس (ليس العقل ما يميز الإنسان عن الحيوان ولكن الضمير).. توفيق الحكيم.