حمد بن عبدالله القاضي
أول مرة ركبت فيها القطار من الرياض للدمام وكنت طالباً بثالث جامعة.. كانت تجربة جديدة لي وكأني برحلة على مسبار فضائي.
* * *
=1=
ذكرى أول رحلة لا أنساها.
استمتعت فيها وكانت لها ذكريات جميلة وأعذبها نشوء صداقة بيني وبين الراكب الذي بجانبي بدأت حين جلسنا وسلمت ورد السلام ثم انشغل كل واحد بصحف يقرأ فيها أو تأمل بصحراء ولاحظت يقلب النظر في فضاءاتها.
لفت نظري أنه وضع الصحيفة مقلوبة وهو يقرأ مع أن مظهره والقلم بجيبه يوحي أنه متعلم وأنا أقرأ وأختلس حيناً النظر من طرف خفي.
خجلت أسأله لكني لم أستطع صبراً فسألته كيف يقرأ الصحيفة معكوسة فالتفت ضاحكاً وقال: هذا مقصود لأرى هل أنت منتبه لي أو غير مبالي وبدأنا نتبادل الحديث عبر طريقته الطريفة بالتعارف وقد أراد كما قال لي أن يبدأ تعارفنا بابتسامات بيننا.
جذبني تصرفه اللطيف واستمتعنا بالرحلة ما بين الحوار والقراءة والصمت ظلّت الصداقة بيننا حتى الآن.
* * *
=2=
الرحلة الثانية وأ/ فيصل الشهيل.
أعقبها بعد سنوات رحلة أخرى من الرياض للدمام وكانت إمكانات القطار وخدماته أفضل لكن لم تكن بالمستوى الذي نتطلّع إليه.
وأذكر وقتها أنني كتبت ملاحظات لمعالي أ/ فيصل الشهيل الذي كان مدير عام مؤسسة السكك الحديدية -رحمه الله- واهتم بها وفعلاً تم الأخذ بأكثرها حسب إمكانات المؤسسة.
* * *
=3=
تجربتي مع قطار الشمال
أما عن تجربتي عبر الخط الجديد للقطار بعرباته الحديثة: قطار - «الجنوب الشمال» الذي ينطلق من الرياض سدير القصيم ثم للشمال حتى القريات.
فالأولى كانت بصحبة أمير منطقة الرياض فيصل بن بندر وهو يدشّن أول رحلة من الرياض إلى سدير بعد اكتمال صالاته الفخمة وعرباته الفاخرة.
أما الرحلة الثانية فكانت لي بسفرة للقصيم مع الصديق أ/ منصور الخضيري.
* * *
=4=
قطار الشمال لكي تكتمل أهدافه. هذا القطار من ناحية الخدمات بالصالات والعربات لا يُعلى عليها رُقيّاً وتنظيماً وراحةً للركاب.
فقط بقي ليتحقق الهدف كاملاً منه، وليتم إقبال الركّاب عليه أضعاف ما هو عليه أن تعمل هيئة النقل على وجود محطات فرعية له. فمثلاً القصيم موقع المحطة ناءٍ جداً عن كل مدن القصيم فلو تم دراسة عمل محطة فرعية تكون بمطار القصيم المتوسط والذي اعتاد الناس الذهاب له وعبر عدة طرق سريعة فلعل هيئة النقل العام تضع ذلك ضمن خطواتها المتسارعة بالتطوير والتوسع وتبادر بدراسة المقترح الذي سبق أن تناولته وغيري وبخاصة أن القطار عندنا بالمستقبل القريب سيكون من أبرز وسائل النقل: اقتصاداً وسلامة وراحة.
* * *
=5=
آخر الجداول
للشاعرة نازك الملائكة.
«مرّ القطار وضاع في قلب القفارْ
وبقيتُ وحدي أسأل الليل الشرودْ
عن صاحبي ومتى يعود؟
ومتى يجيء به القطارْ؟
أتراه مر به الخفير
ورآه لم يعبأ به كالآخرين»