د. محمد عبدالله الخازم
تنتشر صورة لطلاب تبدو أصولهم صينية وخلفهم علم أمريكي، عليها تعليق يشير إلى أن الولايات المتحدة تهزم الصين في الرياضيات لأول مرة منذ 30 عاماً. المعلومة قد لا تكون دقيقة لكن المعنى هو أن من هزم الصين هم شباب أمريكيون من أصول صينية. أشارت دراسة حديثة * حول الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة إلى أن خمس رجال الأعمال في الولايات المتحدة هم من المهاجرين وأكثر من ثلاثة أرباع اولئك المهاجرين رواد الأعمال قدموا بداية للدراسة في الجامعات الأمريكية؛ 42 % كطلاب بكالوريس و 37 % كطلاب دراسات عليا وأقل من 22 % مهاجرين لغرض العمل وليس الدراسة. ويتباين عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الأمريكية من جامعة لأخرى، لكنه ضمن معدل يقارب 10 % من مجموع طلاب الجامعات. ماذا يعني ذلك؟
باختصار، استقطاب العقول المهاجرة ورواد الأعمال، يبدأ من خلال الدراسة الجامعية بنسبة كبيرة، وليس كما يعتقد البعض أن الولايات المتحدة تستقطب العقول المهاجرة الجاهزة تماماً لبدء مشاريعها لريادة الأعمال. كما أن التعليم الجامعي الأمريكي يشكل محفزاً ومصنعاً رئيساً لبدء ونمو الأفكار الريادية واستقطاب العقول المميزة.
يتكرر اليوم الحديث عن ضرورة استقطاب العقول الأجنبية المبدعة أو حتى إعادة العقول المهاجرة ولأجل ذلك تسن بعض القوانين المحفزة مثل تحسين تأشيرات الدخول وفرص العمل في المؤسسات المتقدمة وتسهيل فرص الاستثمار الأجنبي، إلخ. ولعله آن الأوان لإعادة النظر في هذه الفلسفة إن أردنا أن نكون حاضنة للعقول المهاجرة المبدعة، وتحديداً نحن بحاجة إلى إعادة النظر في تسهيلات دراسة الطلاب الأجانب بالجامعات والمؤسسات التعليمية السعودية. يجب أن نفكر على المدى البعيد وليس العاطفي القصير الأمد، في كيفية إيجاد تعليم جاذب للعقول غير المحلية، بالذات تلك القادمة من دول عرفت بنبوغ أبناءها كدول الهند والدول الآسيوية وغيرها.
للأسف تعليمنا الجامعي غير جاذب للطلاب الأجانب أو هناك مقاومة لاستقطابهم، كما أنه لايوجد لدينا جامعات عالمية أو بمواصفات عالمية تساهم في هذا الشأن. حتى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تعتبر معزولة يحصل الأجنبي منها على شهادة فيغادرها دون أن يفكر في البقاء في بلد لم يعش الحياة فيها كما هي. يضاف إلى ذلك بيئة تحفيز ريادة الأعمال في الجامعات ولدى الشباب والشابات صغار السن، سواء كانوا سعوديين أو غير سعوديين، ليست ناضجة بما يكفي.
إذا كنا نفكر في استقطاب عقول ريادية أجنبية، فعلنيا البدء من التعليم الجامعي سواء كان للأجنبي أو السعودي، وتركيزنا في المقال على الأجنبي، الذي يجب أن يتواجد بجامعاتنا بنسب تتراوح من 5 - 10 % وأن تسهل مهامه لبناء مشاريعه وأفكاره الريادية، لينمو مرتبطاً بهذه الأرض التي تتيح له فرصة النمو والازدهار.
فكرة استقطاب عقول جاهزة قد تنتهي باستقطاب متقاعدين بطموحات قليلة متكئة على الماضي لا بناء المستقبل، لذا يفضل استقطاب عقول شابة تنمو وتزدهر وأفكارها لدينا.