تزايد اهتمام الدول حول العالم بأمر تأمين خدمات الرعاية الصحية الجيدة لمواطنيها ومجتمعاتها، وبناء منظومة رعاية صحية قادرة على مواجهة التحديات الصحية المتجددة والمتنوعة على المستويين العالمي أو القطري، ولأن وجود الكوادر الطبية تمثل حجز الزاوية لجودة الرعاية الصحية وتوفرها، فإن الدول تضع تدريب وتأهيل هذه الكوادر على صدر قائمة أولوياتها.
وفي المملكة العربية السعودية يبدو الاهتمام بتطوير وتجويد الرعاية الصحية أكبر، وتحديداً بعد إطلاق رؤية المملكة 2030 الطموحة، التي من أهدافها البارزة تدريب الكوادر الوطنية لتوطين المهن الصحية، وتتضافر جهود الجهات المعنية الحكومية والخاصة لتحقيق تلك الأهداف السامية، وتنعكس نتائج تلك الجهود ولله الحمد في واقع قطاعنا الصحي، وتطور خدماته بشكل إيجابي، ومن تلك الجهود المثمرة التي تستحق الاحتفاء والتوثيق، تجربة أكاديمية د. سليمان الحبيب الطبية التي احتفلت في خواتيم الأسبوع الماضي بانطلاق الدفعة الثالثة من برنامج «مساعد طبيب الأسنان»، بالتعاون مع الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، ويأتي إطلاق الدفعة الثالثة بعد النجاح الكبير الذي حققته الدورتان الأولى والثانية التي استفاد منها «157» متدرباً.
والبرنامج هو الأول من نوعه الذي يتم تطبيقه بالتعاون مع الهيئة، بهدف إعادة تأهيل خريجي وخريجات كليات العلوم وفتح الفرص الوظيفية لهم بمجالي التمريض والأسنان، ويتيح للمتدربين بعد استيفاء متطلبات البرنامج الحصول على تصنيف فني، ومن مميزاته أنه مجاني، علاوة على توفير فرص وظيفية بانتهاء فترة التدريب.
ونشاط الأكاديمية ليس محصوراً في هذا البرنامج فقط، بل يمتد إلى أنشطة أخرى لا تقل أهمية عنه، حيث تنفذ «21» برنامجاً طبياً معتمداً من هيئة التخصصات الطبية، وتقوم كذلك سنوياً بتدريب «2000» ممارس صحي، بالتعاون مع «12» جامعة سعودية.
ورغم الأعداد الكبيرة من الدارسين في الأكاديمية فإن مخرجاتها تتميز بالجودة العالية وفق ما تبين القياسات العلمية، وساعد على ذلك مجموعة من العوامل أهمها الاهتمام الكبير الذي توليه إدارة المجموعة بالأكاديمية، وحرصها على استقطاب أميز الخبراء المحاضرين، من وطنيين وأجانب مما وفر خبرات متنوعة، إضافة إلى توفير كافة وأحدث المعينات التعليمية، وتهيئة بيئة مثالية للتحصيل الأكاديمي.
وكل ما سبق يتسق تماماً مع نهج مجموعة د. سليمان الحبيب التي أكدت فعلاً لا قولاً وادعاءً أنها نموذج لشركة القطاع الخاص المضطلع بدورها الوطني، ومسؤوليتها تجاه مجتمعها، فالمجموعة تُعد من أكبر القطاعات الصحية التي تبنت برامج تدريبية وتأهيلية، وتملك في هذا المجال مسيرة حافلة ومشرفة، ومنذ تأسيسها تعتبر التعليم والتدريب الطبي جزءًا لا يتجزأ من أهدافها ومرتكزاتها في الرعاية الصحية، بالإضافة إلى إصدار مجلة د. سليمان الحبيب الطبية المحكمة، وإطلاق جائزة د. سليمان الحبيب للبحث العلمي بإجمالي جوائز تصل إلى مليون ونصف المليون ريال.
بالعودة إلى برنامج «مساعد طبيب أسنان» فإن ما حفزني على كتابة هذا المقال هو أن عدداً كبيراً من المتدربين والمتدربات بالأكاديمية تخرجوا أو تخرجن من كليات العلوم وهم في حاجة ماسة إلى منحهم فرصة التدريب والتأهيل كي يتوجوا دراستهم وتعليمهم بالالتحاق بالعمل الوظيفي وربط مخرجات التعليم بسوق العمل، وهو أيضاً يمكن الكثير من الخريجين والخريجات من توسيع نطاق تخصصهم ما يتيح فرص أكبر للتوظيف، وكل هذه الأهداف تتوافق تماماً مع أهداف رؤية المملكة 2030 في محور الصحة.
أكاديمية د. سليمان الحبيب بهذا الدور التدريبي والتأهيلي الواسع الذي تقوم به تؤسس لغد أفضل في قطاع الخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية، وتفتح أبواب المستقبل لشباب وشابات الوطن لإعادة رسم مسارهم المهني بما يحقق أحلامهم وأهدافهم الخاصة، ويمكنهم في ذات الوقت من المساهمة في النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة في كافة المجالات وبشكل خاص في القطاع الصحي الذي يحتاج في هذه المرحلة المهمة إلى الكادر الطبي الوطني المدرب والمؤهل.
** **
عبدالعزيز الفريان - المدير التنفيذي للشؤون الإعلامية بمجموعة د. سليمان الحبيب الطبية