عثمان بن حمد أباالخيل
قبل جائحة كورونا وكما تعودت إجراء الفحص الدوري على صحة العينين، في أحد مستشفيات القطاع الخاص وعند استشاري عيون وحين الانتهاء من التشخيص ابتسم وقال: منذ متى معك الماء الأبيض في عينك اليمني. أستغرب، حيث إني لا أشعر بأي أعرض الماء الأبيض وأهمها الرؤية غير الواضحة. لمْ أتردد قمت بزيارة أخصائية عيون في أحد المستوصفات القريبة وبعد الانتهاء من التشخيص سألتها: هل يوجد ماء أبيض في عيني اليمني، لم تتردد قالت: هل زرت مستشفى (...). في اليوم التالي قررت زيارة العيادات الاستشارية (...) عند استشاري عيون سعودي وبعد الفحص الدقيق قال: عيناك سليمتان. ماذا عن الماء الأبيض، أبدًا لا يوجد ماء أبيض توكّل على الله وبعد سنتين افحص عينيك مرة أخرى.
نسبة مئوية من المرضى أو من يعتقدون أنهم مرضي يأخذون بالرأي الثالث، أما الذين يثقون بالرأي الأول فهم يواجهون صعوبات في بعض الأحيان، واسمحوا لي أن أقول تجارة الطب، أطباء واستشاريين همهم المال ولا يهتمون بمرضاهم. لا بأس لا يوجد خدمة تقدم دون مقابل لكن ليس على حساب التشخيص الخاطئ عفوًا ليس الخاطئ، بل المقصود بهدف دفع فاتورة العملية الوهمية. الخطأ الطبي موجود وفي كل أنحاء دول العالم وهي أن مقدم الرعاية الصحية يقدّم الرعاية الصحية بطريقة غير مناسبة أو عندما ينفذ بشكل غير مناسب، وهناك فرق كبير بين الخطأ المتعمد في التشخيص والخطأ غير المتعمد.
مهنة الطب مهنة إنسانية لعلاج البشر وإنقاذ حياتهم وتخفيف آلامهم، وما يزعجني كثيرًا السؤال: هل لديك تأمين طبي؟ التشخيص الطبي الصحيح هو مفتاح رفع مستوى الخدمات الطبية للأطباء الذين يؤمنون بالنزاهة والشفافية ولا يسعون للكسب المالي ووضع الأوهام في رأس المريض الذي يريد أن يسمع خبرًا سعيدًا وليس وهماً قاتلاً. ماذا عن الحالة النفسية للمريض الذي يوهمه الطبيب أنه مريض وعليه سرعة اتخاذ قرار العلاج بكل أنواعه وينصحه بعدم التأخر، لماذا؟ فقط من أجل الكسب المالي. الحمد لله هذا التوجه غير السوي غير منتشر وقليل لكنه مؤذ حين يحدث. رفقاً أيها الأطباء بالمرضى ولا تقسوا عليهم حين إخبارهم بمرضهم وراعوا الحالة النفسية والإنسانية. إن توهّم المرض حالة تسيطر فيها على الشخص فكرة أنه مصاب أو أنه سيُصاب بمرض خطير وهنا يستغلهم ضعاف الأنفس من الأطباء لترسيخ هذه الفكرة ويوهمونه بأنه فعلاً مريض وعليه دفع الأموال لإنقاذ حياته.
أتساءل: هل مهنة الطب إنسانية أو مادية؟ ليس هناك أدنى شك أن مهنة الطب مهنة إنسانية في المقام الأول أساسها الرحمة وهي تجمع بين العلم والأخلاق الفاضلة والرحمة. ولا يحق مطلقاً أن نقول إن الطبيب تاجر فهو ليس كذلك. أقتبس (إن صناعة الطب صناعة فاعلة، عن مبادئ صادقة، يلتمس بها حفظ بدن الإنسان، وإبطال المرض) ابن رشد.