فصام التطبيع: كيف يليق بكم - يا معشر الخداع والنفاق، أن تنسوا أنفسكم، فلا تأتمروا بما تأمرون الناس به، وكأنكم بفصام التطبيع الصهيوني عليلون، فما فعله الإخوان ليس غريبا عنهم وعن شخصيتهم الدونية، التي قهرتها شعوب عربية وبُترت رؤوسها الشيطانية كمصر والسعودية، ومطاردتهم في شتى بقاع الأرض التي يتيهون فيها بعد ثورة مصرية كشفت كافة التصاريح المتماهية للتنظيم الدولي منطلقاً من منبع الإرهاب بلندن وتوافقهم مع الرؤية الإسرائيلية، واعتبار أسرى فلسطين مخربين وإرهابيين، وأن جيش مصر «حلال قتله» وغير ذلك من الأمور التي تخالف وتناقض العقل، فمنصور عباس سليل الإخوان، ليس أولهم للتواصل مع بني صهيون، بل سبقه مؤسس الحركة الإسلامية هناك عبدالله نمر درويش، الذي كان يعقد اجتماعات علنية مع رؤساء إسرائيل وحكوماتهم علنا ودون مواربة، فلم يقم «منصور» بالتواصل بإسرائيل من تلقاء نفسه، لأن الأمور التنظيمية للجماعة لا تسمح باتخاذ قرارات فردية لأمور مصيرية في حياة الإخوان ومستقبلهم دون موافقة قيادات التنظيم الدولي في العاصمة البريطانية لندن لفرع التنظيم في إسرائيل بالتطبيع، لنراه مبتسمًا بجوار «نفتالي بينيت» الزعيم اليهودي -اليمين المتطرف وحلفاؤه-، بعد لحظات من الموافقة على توليه رئاسة الوزراء ومنحه أغلبية حاكمة في البرلمان، مًسقطاً حكومة «نتنياهو» أكثر رؤساء حكومات إسرائيل بقاءً بالمنصب لتلاحقه قضايا التحرش والفساد، وقد نرى محاكمة قاضية له، أو يُدخله الله في غيبوبة شارون!
ماذا سيقولون؟.. على الرغم من ادعاءات نتنياهو بأن الائتلاف الناشئ «حكومة يسارية» تمثل «خطراً على أمن إسرائيل، وخطراً على مستقبل الدولة»، مطلقاً خطاباً غاضباً بدا وكأنه يرسم مقارنة بين أميركا الأم وخصوم إسرائيل المدللة، (إيران وحماس)، قائلاً: «إذا تشكلت، كيف سننظر إلى أعدائنا؟، ماذا سيقولون في إيران؟ ماذا سيقولون في غزة؟ ماذا سيقولون في قاعات واشنطن؟».. فلن يأسف مسؤولو البيت الأبيض على رحيل نتنياهو بعد أن دفع تحالفه مع الرئيس السابق «ترامب»، لأن الأول انتقد بايدن فأضر بشكل لا يصدق بالعلاقات مع الديمقراطيين.
حقيقة ثابتة: يعتبر «بينيت» المدافع عن الاستيطان والمطالب بضم معظم الضفة الغربي، حليفاً، وبجواره «عباس» رئيس القائمة العربية في لقطات تفضح زيف وكذب الإخوان وفكرهم المتضارب، في لقطة كشفت عن حقيقة ثابتة، وهي أن الإخوان يتحالفون مع إسرائيل سرًا وجهرًا رغم مزاعم قياداتهم ومنصاتهم ومنابرهم الإعلامية بالعداء مع الدولة العبرية التي يصفونها بالكيان الصهيوني لإثارة مشاعر أنصارهم، بينما الصفقات بين الجانبين لم ولن تتوقف، بل إنه قدم للعالم دليلاً على أن جميع الخطوط الحمراء التي يضعها التنظيم، والتي من بينها التطبيع مع إسرائيل، ليست سوى حواجز وهمية يستثمرها في تحقيق مأربه الاقتصادية والسياسية.. فالرجل المنتمي للجناح الجنوبي للحركة الإسلامية، الإخوانية، التي انشقت عام 1996 إلى تيارين، يقدم «نموذجا» صادقا بلا رياء ولا شعارات زائفة لشياطين الإخوان، يتفاوضون في غرف مظلمة ويتنازلون بحثا عن موقع، وهم من نددوا بسلام دول عربية كالإمارات والبحرين والسودان والمغرب، فجندوا أبواقهم الإعلامية لتشويهها وتأليب الرأي العام ضدها، وهم من يتاجر بفلسطين ويقدمها قربانا من أجل منصب أو سلطة، بفكر خبيث قائم على التضارب والزيف والتلاعب بقضايا الأمة لتحقيق أجندات مدمرة، تثير استفهامات عدة، لا جواب لها لتضارب قراراتها، ونحن ننتظر الجواب ولا نتحرك؟..
اتجاه عكسي: وفي اتجاه عكسي لتاريخ الأحزاب العربية، -إلا في حالات نادرة- عدم التعاطي بالإيجاب مع أي حكومة إسرائيلية من منطلق أنها «صهيونية»، لينتهجه «عباس» معلنا صراحة استعداده للتفاوض مع الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة، بذريعة إيجاد حلول لمشاكل العرب الكبيرة «القانونية والمعيشية»، (حتى في حال التسليم بمزاعم انشقاقه عن التنظيم)، وخلافاته السابقة مع بينيت، حيث تم الاتفاق معها بتخصيص أكثر من 53 مليار شيكل (16 مليار دولار) لتحسين البنية التحتية والتصدي لجرائم العنف في المدن العربية. الحواضن الإخوانية: إنهم ببساطة يبيعون القضايا ويشترون المناصب، غارقين في ذات النشاز القاتل والفصام المستشري بعقول أوهنها التلاعب والرياء.. أليس عباس هو من ظهر بفيديو، وهو يتحدث عن الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي وينعته بـ»الشهيد»، ويؤكد أنه «يمثل رمزا لكل الشباب العربي»، وأن «استشهاده يمثل محطة مهمة»، فماذا قدم لمصر؟!
مطرودون: إنهم مطرودون من نعيم الحواضن الإخوانية، لتتكرر الطامة في الشقيقة تونس بحركة «النهضة»، وخالد المشري في ليبيا؛ جميعهم إخوان لكنهم يدعون الانشقاق عن التنظيم، وقد وجدوا ضالتهم الآن بين أحضان إسرائيل، لينقضوا بمكرهم على العرب من جديد بعدما فشلوا في عواصمها الكبيرة، وهذا تكتيك لا يعتبر غريبًا عن جماعة تنتهج جميع الطرق الملتوية للتخفي والتضليل، وإلا ما كانت سياسة بايدن التي ينتهجها هو وسلفه أوباما في المنطقة العربية وفق تسريبات «ديبكا» هدفها دفع الإخوان المسلمين ومساعدتهم لاعتلاء الحكم، وهي نقطة خلاف بين البيت الأبيض وإسرائيل، حيث تعتبر الأولى، أن القاسم المشترك بين أسامة بن لادن وباراك أوباما وإسرائيل هم الإخوان المسلمون، وهو ما يظهر في (قرار سري غير معلن) لأوباما، أن مصلحة أمن إسرائيل الاستراتيجية تكمن في دعم الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط.