صيغة الشمري
صُعق صاحب المصنع بخبر طلب مدير المصنع إجازة، حاول إقناعه وثنيه عن طلب الإجازة نظراً لوجود عمل كثير، وطلب كبير على المصنع، حاول تعويضه بالمال لكن مدير المصنع رفض، نظراً لأنه لم يتمتع بإجازته منذ سنوات وحان الوقت كي يستريح ويستجم بعد عناء سنوات طويلة من العطاء كان معدل إنتاج المصنع معه لا يقل عن 80 في المائة، وهي نسبة تعتبر رائعة جداً ومرضية لا يحققها إلا قلة قليلة من المصانع نظراً لحرص هذا المدير، وانضباطيته، وتحفيزه المستمر لجميع الموظفين الذين أحبوه وأحبهم، حيث ظهر ذلك جلياً في انضباطيتهم العالية جداً من بداية الدوام وحتى نهايته، لينهي كل موظف يومه بعد أداء 12 ساعة يومياً بكل إخلاص وانتماء، كان صاحب المصنع يشاهد عبر كاميرات المراقبة بكل إعجاب أداء وتفاني مدير المصنع، كان يشاهده وهو يقف على قدم وساق بين الموظفين، يطبطب على كتف هذا، ويشد من أزر هذا، حتى أن الغياب يكاد لا يوجد بين الموظفين نظراً لقدرة هذا المدير على خلق جو أسري منقطع النظر، الجميع كان يتسابق على توقيع الحضور مبكراً، مع هذه المعطيات وقف صاحب المصنع عاجزاً عن ثني مدير المصنع عن قراره للتمتع في إجازته السنوية، وضع المدير أحد الموظفين مديراً للمصنع بدلاً عنه لحين عودته من الإجازة، مع بداية أول يوم صعق صاحب المصنع مما شاهده عبر كاميرات المراقبة، المدير البديل يجلس على مكتبه غير مكترث بشيء سوى تناول القهوة والعبث في أوراق المصنع، صعق أكثر عندما شاهد تسيب الموظفين، حيث شاهد فوضى عارمة من خلال تأخر بعض الموظفين وخروج بعضهم مبكراً من بوابة المصنع، بعد شهر من المكابدة مع هذا المدير البديل الذي كان يقابل ملاحظات وسخط صاحب المصنع بابتسامة، كانت المفاجأة الصادمة لصاحب المصنع من خلال تجاوز إنتاجية المصنع لنسبة 100 في المائة، لم يقم المدير البديل سوى بطلب واحد من الموظفين، حيث طلب من كل موظف أن ينتج كل يوم 100 في المائة من عمله ويذهب لبيته دون الحاجة لإلزامه بدوام 12 ساعة يومياً، لم يراقب سوى إنتاجية الموظفين، تركهم يتسابقون بشغف لإنجاز المطلوب منهم، منحهم هدفاً واضحاً جعلهم ينافسون أنفسهم، لم يهتم بكاميرات صاحب المصنع، لم يهتم بملاحظات وتحذيرات صاحب المصنع، ذهب بشكل مباشر وواضح نحو هدفه كمدير حقيقي، كل مدير حقيقي يريد النجاح عليه ألا يهتم سوى بالإنتاجية، عليه أن يختار أسهل الطرق للوصول إليها، يا ترى كم مدير بيننا يبه مدير هذا المصنع؟!