عبد الرحمن بن محمد السدحان
(1)
* «تجنّب حبَّ المرأة ولا تخَفْ من كراهية الرجل» قول منسوب إلى سقراط (زعيم) فلاسفة العصر الجاهلي. وقد وصفتُ هذا القول قبل حين بأنه كلامٌ غليظ المحتوى، قليلُ الحكمة، شحيحُ الصواب.
* * *
* فهو يفْضحُ تحاملَ سقراط على المرأة، ويوقدُ نارَ الفتنة بينها وبين الرجل، وهو بمعنىً آخر، يُحرّض على كراهية المرأة، وإن أحبّت، ويجَامل الرجلَ إلى حدّ التفضيل له، وإن كَرِه!
* * *
* والقراءة الباطنة كما أراها لمغزى سقراط عبر مقولته آنفة الذكر أن المرأة قد تحبُّ الرجل حبًا جمًا، فإذا أخفقت، كَرِهتْه كُرهًا جمًا، ومن ثم، يوصي سقراطُ بتجنّبها في كلا الحالين، أمانًا من تلك العُقبَى! أمّا الرجل في العرف السقراطي، فإنه حتى لو كره، يظلُّ عقلهُ حاضرًا، فتُؤْمن عقباه!
* * *
* مرة أخرى أقول: إن هذه (سفسطةُ كلامٍ سقراطي) لا ينسحبُ على أغلب نسَاء الأرض ورجَالِهَا، فالحب يتغذّى برَحِيق المودّة والرحمة بين الرجل والمرأة، وتنموُ في فيْئهما سلوكياتُهما، أما إنْ كان هناك مَنْ يشذُّ عن هذا القول أو يشطّ غلُوًا، فذاك تأكيدٌ للقاعدة ذاتها لا نفيٌ لها!
* * *
* أمّا كاتبُ هَذه السطور، فليسَ سِوى نقطة في زحام البشر، أسْعدُ بالحب وأشقى بالكراهية، شأني في ذلك شأن الأسْوياء من البشر: أحبُّ أنْ لا أكرَهَ، وأكْرَهُ أنْ لا أُحِبّ!
* * *
(2)
* متى يصبحُ الصَّمتُ أبلغَ من الكلام؟! وتعليقًا على هذه المقولة.. أقول: هناك مواقفُ يكون الكلامُ فيها (نُحاسًا)، عندئذٍ، يكون (الصَّمتُ) أبلغَ من الكلام! وأبرزُ المواقف في تقديري التي ترجح فيها كفّة الصمت، هي لحظة الغَضَب، فقد تدمِّرُ كلمةٌ طائشة في لحظة غضب ما بناه قائلها في سنين. وقد تُبْرئَ كلمةُ حق جُرحًا دام سنينًا! والعقلُ هو الحكمُ العادلُ بين الموقفيْن!
* * *
(3)
* سألني سائل: من هي المرأة في ساحة ظنّك! فقلت: هي (الأمُّ) الحنُون التي حملتْني وَهْنًا على وَهْنٍ، وأرضعتني رحيقَ الحياة من جسدها الطاهر، وهي (الزوجة) التي تقاسمني العيشَ الشريفَ في زورق الحياة بلا مَنّ ولا أذى، وهي (المواطنة) شريكة عشقي لهذا الوطن!
* * *
* وبمعنىً مُوجز: المرأة عندي هي التي إذا نظرْتَ إليها بعَين العقْلِ والإيمان، شعرتَ معهَا بهيبة العطاء، وطيبة النَّفس، ونفْحة الإلْهَام، باختصار: هي الطرفُ الآخر.. لمعادلة العيش السَّويّ والعقل السليم!