نجلاء العتيبي
ما زالت حرقة قلبها متوهجة وكأنه لم يمض عليها زمن ولا حياه، تُحدثنا عن ما تُعانيه من حزناً شديد بصوت مخنوق متقطّع.. ينزف ألماً. تروي لنا كيف تمضي عليها الأيام.. كئيبة بسبب وفاة فلذة كبدها قبل سنتين في حادثة غرق مروّع تبكي ودموعها تلهب قلوبنا، من يلومها؟ فالأبناء أحبُ الناس لوالديهم في الوجود بعد أن كان هو بهجة المكان الآن تنظر يَمْنَةً ويَسْرَة ولا تجده! اللهم ارحم قلبها الضعيف، لا تقصد ببوحها لنا تعكير صفو أمزجتنا. أرادت منا الإنصات والاحتواء والمساندة الإيجابية للخروج من حالة اليأس والإحباط، أكثروا عليها بتعليمات ليست تجهلها فهي كثيرة الالتجاء إلى الله الرحيم العليم. لَم تتسخّط ولَم تعترض على أمر الله، سيدة من الحضور نصحتها بإخفاء حزنها.. وأخرى تجاهلتها رغم قربها منها، يختلف معنى الحديث الوجداني حسب أهميته عند مُتلقيه لذلك قد يبدو غير واضح أو غير مهم أو لا وجود له أصلاً، ومثل الكثيرين نخرس صوت الاستغاثة، نحاول تجاهل رغبة مشاركة ما يزعجنا وكان الإنسان كائن فولاذي لديه قدرة خارقة لا يتألم ولا يحزن ولا يضجر.. لا يمزقه فراق الأحبة ولا فقدٌ ورحيل، وعيب عليه البوح والإفصاح كما لو كانت جريمة ولا بد أن نخفيها، أعتدنا منذ نعومة أظافرنا ألا نظهر ما يدور بداخلنا من مشاعر وما يزعجنا، نحرص على طمس مشاعرنا، نصادق صمتنا رغم معرفتنا أنه من غير الصحي والجيد ذلك.
جميع الدراسات توضح خطورة قمع مشاعرنا وكبتها في صدورنا على صحتنا الجسدية والنفسية، وأنه من أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب والتجلطات وبعض الأمراض المزمنة، وأثبتت النتائج أن مخاطر الوفاة المبكرة تتزايد بنسبة 35 % من بين الأشخاص الذين لا يحاولون التعبير عن حزنهم إلا أننا مستمرون لا نعترف بمشاعرنا لا نفهمها ولا نفكر بطريقة تواصل معها نحذر منها.
ترسخّت في أعماقنا قبل رؤوسنا فكرة الكتمان.. ويبقى شعور الإحساس غير الجيد لبعض المواقف التي مررنا بها يتجدَّد عند ذكراها، بل إنه يتمدد ويتوسع حتى يأخذ جزءاً منك يستوطن به للأبد وتظل في طي الكتمان.
ضوء
إن الألم شعور، والمشاعر هي جزء منك ومن واقعك فإذا قمت بكبتها وشعرت بالخزي منها، فإنك تسمح للمجتمع بأن يشوِّه واقعك، عليك أن تدافع عن حقك في الشعور بألمك.
-جيم موريسون-.