الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
تؤكد الدكتورة نجوى بنت فؤاد الثقفي الخبيرة والمستشارة الأسرية المتخصصة في علم الاجتماع أن ظاهرة الطلاق أصبحت تتصدر قضايا المجتمع، وهو ما يؤثر سلباً على استقرار الأسرة، ويدل على وجود خلل في تكوينها، مشيرة إلى أن علم الاجتماع يقوم على الإحصاءات وإحصاءات الطلاق الأخيرة تدل على ارتفاعها وهو ما يقلق علماء الاجتماع.
وتقول الدكتورة نجوى الثقفي في حوارها مع «الجزيرة» إن البطالة من أكثر المشكلات التي تسبب أرقاً في المجتمع، ولها عواقب وخيمة قد تؤدي إلى انهياره، مشددة على أهمية تكريس مكارم الأخلاق في المجتمع، كما تناول الحوار مع الدكتورة نجوى التي لديها عدد من الأبحاث والدراسات العلمية في الشأن الاجتماعي والأسري، وقدمت العشرات من الدورات وورش العمل، إضافة إلى حضورها الاجتماعي والإعلامي، مع حصولها على جوائز وشهادات تكريم متنوعة، تناول الحوار عدداً من الموضوعات المتعلقة بالجوانب الاجتماعية والأسرية، وفيما يلي نص الحوار:
* من خلال الدراسات العلمية وواقع الحال.. هل تعتقدون أن العنف الأسري وصل حد الظاهرة؟ وما الأسباب الرئيسية وراء حدوثه في المجتمع؟
- لا يعتبر العنف الأسري ظاهرة اجتماعية في المجتمع السعودي لأن الظاهرة الاجتماعية هي ضرب من ضروب السلوك ثابتاً أم غير ثابت يمكن أن يباشر نوعاً من القهر الخارجي على الأفراد أو هو كل سلوك يعم في المجتمع بأسره، وكان ذا وجود مستقل على الصورة التي يتشكل بها في الحالات الفردية، وهذا لا ينطبق على العنف الأسري، فعلى الرغم تعدد الحالات التي نسمع عنها إلا أنها تعتبر حالات فردية لأن الإحصاءات التي تم توثيقها والبلاغ عنها لا تعتبر منتشرة في المجتمع، ولا يمكن أن نعمم بأنها ظاهرة إلا من خلال الإحصاءات، ولكننا نعتبرها مشكلة لأنها حالة غير مرغوب فيها في مجتمع إسلامي يدعو إلى الحفاظ إلى الأسرة ويكرم المرأة ويهتم بتنشئة أفراد الأسرة على نهج تربوي قويم بعيد عن التوتر والضغوط والانفعالات التي يمكن أن تؤدي إلى تفكك الأسرة.
أما العوامل المؤدية إليه فمن خلال بحثي في مرحلة الدكتوراه توصلت إلى أن من أهم العوامل المؤدية إليه هي الفرق بين المستوى التعليمي بين الزوج والزوجة، خاصة إذا كان الرجل أقل مستوى تعليمي، تعاطي المخدرات والمسكرات، الطلاق حيث يتم العنف على الأبناء من قبل الآباء للانتقام من الأم حيث يتعرض الأبناء للعنف البدني بالضرب أو التحرش الجنسي من قبل الآباء؛ إضافة إلى العوامل الاقتصادية فالفقر والأزمات الاقتصادية التي تمر بها الأسرة يؤدي إلى وجود التوتر والقلق، مما يؤدي إلى زيادة العنف الأسري مقابل زيادة متطلبات الأسرة، فيواجه الآباء ذلك بالتعامل بالعنف تجاه أسرته سواء عنف مادي أو معنوي.
* هل تتفقين مع ما يردده البعض من وجود إيجابيات في العلاقات الزوجية نتيجة أزمة كورونا؟ وكيف؟
- قبل كورونا تعود بعض الرجال قضاء معظم وقتهم خارج المنزل أما في العمل أو في الاستراحات، وأدت كورونا إلى تواجد الزوجين لأوقات طويلة معاً، ربما كانت الفترة الأولى من كورونا إيجابية، حيث أدت إلى تقارب الزوجين وأتاحت لهما التواجد معاً ومشاركة بعضهما البعض للواجبات المنزلية وتوفر الوقت للعلاقات الزوجية.
وأتاحت الفرصة لهما للحوار والتحدث، وكما أوجدت بعض الهوايات المشتركة وتقبل الآخر كمشارك في العمل بما أن العمل أصبح من المنزل وتعرفا على مشكلات العمل التي يعاني كل منهما، لذا فهي فرصة ليقدر كل منهما الآخر لما يعاني من تعب في مهنته، وتوجد مقولة تقول: وراء كل مرض هدية.
* هل للتوافق الفكري والمادي أثر في الحياة الزوجية الناجحة؟
- حينما يكونا الزوجان متوافقين فكرياً، بمعنى مستوى الثقافة والتعليم متساويان أو متقاربان فإن ذلك يؤدي إلى أن يكونا أكثر تفاهماً من حيث إن المستوى الفكري يقابله المصطلحات المستخدمة ومستوى الوعي المدرك للحياة وأمورها، وبالتالي يكونان أكثر استيعاباً، فيقل بذلك مستوى التوتر في الحياة الزوجية ويكون التفاهم نقطة التقاء أكثر بينهما، وكذلك بالنسبة للمستوى المادي فحينما يكونان من نفس الطبقة الاجتماعية التي يفرضها المستوى المادي فإن أسلوب التعامل مع الحياة ومتطلباتها تكون متشابهة، وبالتالي تكون متعارفاً عليها وليس مستغرباً من قبل أحدهما.
* برأيكم هل نحتاج إلى تكريس مكارم الأخلاق في المجتمع؟ وكيف؟
- تكريس مكارم الأخلاق في المجتمع من أهم الأمور، ورسولنا الكريم يقول «إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق»، لأنها هي من تكون سلوكنا وطريقة تعاملنا وعلاقاتنا، أما كيف نكونها فهذه من خلال مؤسسات المجتمع المختلفة وتبدأ من الأسرة كأول مؤسسة تحتوي الفرد وتكون أخلاقه من خلال التنشئة الاجتماعية وتعلم القيم والعادات من خلال تطور نمو الفرد بالتدريج، والمواقف المختلفة التي يمر بها، وكل مرحلة من المراحل لها نوع من التوجيه وتكوين القيم في الفرد خلال تواجده مع أسرته تتكون لديه القيم الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والجمالية، وتتكون بذلك أبعاد شخصيته التي يخرج بها إلى المجتمع الكبير، ويكون هنا دور المؤسسات الأخرى في المجتمع وأولاها المؤسسة التعليمية التي من دورها صقل هذه القيم الأخلاقية وتقويمها وتوجيهها بالعلم والثقافة والأنشطة الصفية وغير الصفية، ثم يأتي دور المؤسسات المهنية التي تعمل على إكمال هذه القيم الأخلاقية من خلال دور الفرد، وانتسابه إلى المؤسسات الاجتماعية التي يمر بها خلال رحلته في الحياة.
* الطلاق ظاهرة مؤسفة.. كيف يقيمها علم الاجتماع؟
- بالنسبة لظاهرة الطلاق.. علم الاجتماع علم بقوم على الإحصاءات وإحصاءات الطلاق حسب الإحصاءات الأخيرة تدل على ارتفاعها، ومما يقلق علماء الاجتماع أن ظاهرة الطلاق أصبحت تتصدر قضايا المجتمع، وهذا يؤثر سلباً على استقرار الأسرة ويدل على وجود خلل في تكوينها، والأصعب من ذلك هي حالات الطلاق لأسر زواجية أمضت سنوات عديدة، وهذا يدل على نوع آخر من المشكلات؛ وهل كان هناك طلاق عاطفي أو صامت، وهذا له وقع في تنشئة الأفراد، فكيف كانت هذه العلاقة، وكيف تمت التنشئة؟!
* كيف يمكن أن يسهم خبراء علم الاجتماع في دراسة المشكلات وقضايا المجتمع؟
- علم الاجتماع يتناول قضايا المجتمع على مستوى المجتمع ككل، أي حينما يتأثر بها البناء الاجتماعي، وهنا يقوم علم الاجتماع بتناول هذه القضايا من خلال دراستها بإعداد البحوث للتعرف على العوامل المؤدية لها، وعلى ضوء النتائج يعمل على التعرف على أبعادها ليحدد أثرها على البناء الاجتماعي والانسياق داخل البناء أكثر تأثراً بها، والانسياق أكثر تأثيراً عليها، وهنا يقوم بتوظيف نتائج الدراسة بالعمل على حل المشكلة بطريقتين، وهما الحل الموقفي أي العمل على إزالة العوامل المؤثرة في المشكلة والطريقة الثانية هي الوقاية من حدوثها، كما يعمل علم الاجتماع إلى توعية المجتمع عن أثر هذه المشكلة من خلال إعداد البرامج التثقيفية والتوعوية وتوجيهها للأفراد والمجتمع من خلال مراكز الإرشاد أو ورش العمل أو المواد الإعلامية من خلال الإعلام، كما أن وجود لجان التنمية الاجتماعية مع تفعيلها لهي خير مجال في ذلك حيث من خلالها يمكن أن يتم إعداد لجان تعمل على إعداد البرامج، وإيجاد الحلول العملية التي تحقق أفضل نوع في حل المشكلات بقرارات مجتمعية وعلمية.
* ما المشكلة التي ترين أهمية علاجها وتسبب أرقاً في المجتمع؟
- البطالة.. هي أكثر المشكلات الاجتماعية التي تسبب أرقاً في المجتمع لأنها تؤثر على جميع أنساق المجتمع، فالبطالة تؤدي إلى الفقر، والفقر يؤدي إلى أزمات أخلاقية والأزمات الأخلاقية تؤدي إلى كثرة الجرائم في المجتمع الذي يخلق أزمات اقتصادية وسياسية في المجتمع مما يؤدي إلى انهيار المجتمع.