خالد بن حمد المالك
حسن نصر الله يبدو هادئًا، ومحدود التعليقات على تشكيل الحكومة اللبنانية، على غير ما عهدناه من اقحام نفسه وحزبه في كل صغيرة وكبيرة، ما فُسِّر على أنه قد اكتفى بجبران باسيل كبوق له في تقديم الرأي المشترك، والتوجه الواحد نحو تشكيل الوزارة التي تمر بمخاض عسير يبدو أنه لن يسفر عن ولادة ولو قيصرية لحكومة يرأسها سعد الحريري.
* *
فلبنان أزماته كثيرة، وليست الحكومة وتشكيلها والخلاف حولها مشكلته الحصرية الواحدة، لكن الملفت الآن -ودائمًا- ازدياد الأصوات العالية، ممن يرون أنفسهم أوصياء على لبنان، وسواء أكان منهم الخائفون على لبنان، أو أولئك الذين يخافهم لبنان، وهي ظاهرة ينفرد بها اللبنانيون حصرًا بين كل النافذين في الدول الأخرى على امتداد العالم.
* *
نحن لسنا لبنانيين، لكننا نخاف على لبنان، ويهمنا أمنه واستقراره، وعدم تسلط فئة على أخرى من فئات مجتمعه، ما يقودنا إلى السؤال، متى يتم نزع سلاح حزب الله، ومثله أي سلاح يكون بأيدي وسلطة أي حزب، لأن حصر السلاح بالجيش والأمن، يمنع تسلط الأقوياء، ويحول دون حروب أهلية مُحتَملة، ومن يصمت أو يتجاهل ذلك، خوفًا أو مجاملة فهو كمن يضع نفسه شريكًا في مؤامرة كبرى على لبنان.
* *
وأمامنا تجارب مريرة مرت على لبنان، ويُفترض أن يتعلم اللبنانيون الدروس منها، وأن يتكاتفوا ويتعاونوا على تحجيم أي قوة عسكرية خارج الشرعية، ورفض أي مبررات أو حجج لتشريع هذه القوات، وإلا سيجد اللبنانيون أنفسهم من أزمة لأخرى، دون أن تكون الدولة قادرة على بسط نفوذها، أو السيطرة على كل مفاصل الدولة، فما نراه اليوم شيء مخيف، وهو أشبه بقنبلة موقوتة وجاهزة للتفجير.
* *
في لبنان سياسيون أكفاء، وعلماء متخصصون، وقدرات بشرية هائلة، ومناخ للانتاج لا يُبارى، لكن كلها عُطِّلت أو تعطلت عن أداء دورها، بفعل فاعل، وهذا الفاعل هو حزب الله، وأمينه حسن نصر الله، ومن سار على خطاه وتحديدًا جبران باسيل.
* *
وعلى اللبنانيين الشرفاء تقع مسؤولية كبيرة في حماية لبنان من أعداء الداخل، وتجريم أفعالهم، ومواجهتهم بما يحول دون استفحال هذا الخطر الخطير، وما لم يتم ذلك، فسنرى لبنان في شكل آخر، ووجه مختلف، وتوجهات يضيع معها لبنان الحبيب، والوقت يسرق اللبنانيين ولبنان، ولابد من الإسراع لتطويق المتآمرين عليه، ومنعهم من الاستمرار في إثارة المشاكل أمام كل من يسعى إلى الإصلاح، وتاليًا ضرورة تغييب المفسدين من الساحة حتى ولو تم ذلك بأسلوب الردع.