دهام بن عواد الدهام
منذ وصول الخميني طهران على طائرة فرنسية يتحكم الملالي بدفة الحياة الإيرانية مما انعكس سلباً على المنطقة والعالم.. وعلى تطور ورفاهية المجتمع الإيراني ذاته واستمرأت طهران سبلها لتصدير «ثورتها» والذي اصطدم بواقع ما زال لم يدركه أهل العمائم في طهران. فقوى وعوامل الاستقرار في المنطقة والقوى الدولية تدرك هذه المطامع الإيرانية ولم ولن تسمح بها. وإن كانت الأيادي الإيرانية قد عبثت في كثير من الساحات وقوضت الاستقرار في بعض منها مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن ووترت العلاقات البينية مع الفاعل الأكبر والأهم في المنطقة المتمثل بالمملكة العربية السعودية وموقفها الحازم تجاه العبث الإيراني خاصة في علاقتهما الثنائية والسعي الإيراني لإنتاج الأسلحة النووية المهدد لأمن المنطقة والعالم مما فرض على المنظومة الدولية أن تضع الحد لهذا الجموح في اتفاق نووي لم يكن سوى الحد الأدنى من متطلبات المنظومة الإقليمية والدولية لما يسببه هذا البرنامج من مخاطر جمه على الإقليم والعالم. إلا أن فقدان الرؤية الاستراتيجية في طهران لم تفق إلى مصالحها المنطقية أولا ولا إلى أسس العلاقات الدولية واحترامها مما أدى إلى توسع الهوة وانشطار العلاقات مع العالم وخاصه دول الإقليم وفرض العقوبات الاقتصادية التي أوجعت الشعب الإيراني إلى حد الفقر رغم منافذ التهرب والتهريب من أطراف وجدت في ذلك المردود المالي في غفلة من الرقابة. وفقدت بإرادتها فرصة العودة إلى العقلانية السياسية حين وقعت مع المنظومة الدولية الاتفاق النووي ورفع العقوبات الاقتصاديه عنها.
في الوقت الذي كانت ومن منطلق الثقة والقوة آمنت القوة الفاعلة الإقليمية ذات البعد الإسلامي الممتد في آسيا وإفريقيا وعلى الساحة الدولية، المملكة العربية السعودية إن المنطقة تحتاج إلى استقرار يقود شعوب المنطقة إلى النهضة والازدهار وعلى طهران العمل بساسية حقيقية على أرض الواقع بعيداً عن أحلام تصدير الثورة ووهم التبعية المذهبية العقدية لقم وكف التدخلات في الشئون الداخلية للجوار وإثارة المجتمعات (رغم كل ما تقوم به طهران من تدخلات وعبث في البلدان العربية) إيماناً منها أن الله خلق الإنسان على هذه الأرض وجعله خليفة فيها ليعمرها. وجغرافيا وحسن الجوار لا يمكن القفز عليها والتزاما بالقوانين والعهد الدولية وإيمانا بالسلام وأبدت حسن النوايا ودعم كل ما من شأنه جلب الهدوء والاستقرار للمنطقة... ولم تكن تصاريح المسؤولين الإيرانيين إلا مادة لايهام المجتمع الدولي برغبتها بالتعايش مع محيطها الاقليمي.. إلا أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة التي جاءت بالمحافظ المتشدد رئيسي لا تعكس الأمل في سياسة إيرانية متعقلة واقعية تعمل على بناء العلاقات الإقليمية وعلى مبدأ الاحترام وحسن الجوار. والعمل في كل ما من شأنه تعديل سياسة الماضي. وبالرغم من النظر إلى سيرته الذاتية ومسيرته العملية في حقل القضاء وقربه من سيد قم وخلافته المحتملة له حسب بعض الإعلام الإيراني. إلا أن دوره في الاعدامات للمعارضين عام 1988 وتأييده قمع السلطة للاحتجاجات خلال المسيرة الخضراء وهو أحد عناصر القضاء الذي يفترض فيه العدل.. ورغم من طروحاته في هذه الانتخابات وحرصه على مكافحة الفقر ومحاربة الفساد، تم وضعه وبدعم من منظمات حقوقية على قائمة العقوبات الأمريكية عام 2019 كما قادت هذه المنظمات الدعوة إلى محاكمته. مثل هذه السيرة والمزاج الأمريكي الحالي في البيت الأبيض لا تصنع هذه الانتخابات الضوء في النفق بل تعكس المزاج المتشدد إن كان شعبياً إيرانياً أو بإراده وصنع من يملك خيوط السلطة وزمام الأمور في طهران.