إبراهيم الطاسان
ما الفرق بين شهرة مبدع مبتكر كفيثاغورس، وبعض مشاهير السوشيال ميديا؟ ما بحثت ولن أبحث عن الشهرة من حيث سبب طلبها ممن يطلبها، ولا عن أسبابها وموجباتها. لأنني لست من طلابها، ولا من الراغبين بها، كل ما أعرفه أن الشهرة الحقيقية تأتي لا تؤتى. تأتي للمشهور بإبداعات وابتكارات يتفرد بها عن سواه، تضيف على المنافع البشرية منفعة لم تكن من قبل. أو تفتح مجالاً من المجالات المختلفة. شعراء المعلقات لم ينتفعوا منافع خاصة بهم من معلقاتهم، لكن إضافة لذائقة العربية جمال نظم ومعاني المعلقات، فخلدت أسماء شعرائها. والفيلسوف فيثاغورس لم ينتفع شخصياً من وضعه لقاعدة رياضية (في المثلث قائم الزاوية مربع طول الوتر يساوي مجموع مربع طول الضلعين في المثلث قائم الزاوية) خلدته هذه القاعدة، التي انتفع بها كثر من التطبيقات والعلوم والنظريات، ونجدها اليوم في الأعمال المختلفة بإضافتها الكثير لعلم الهندسة. فإن احتج محتج بأن ما جاء به فيثاغورس قاعدة علمية رياضية، أصبحت أداة تستعمل في العلوم وغيرها. فإن «أما بعد» و»البينة على من ادعى واليمن على من أنكر» وهي لم تضف منفعة مادية بحتة. ولكنها إضافة للبلاغة والحكمة الشيء الكثير، ولقواعد السلوك أكثر «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» وغيرها من أوليات «قس بن ساعدة الإيادي» التي جعلته يحضر بما ترك من حكم في قاعات المحاكم. وعلى منابر الخطباء. التفكير المنطقي يقول: إن الفيلسوف عالم الرياضيات فيثاغورس يقول: إن فيثاغورس ما كان مندفعاً يطلب الشهرة بالبحث عنها بين ركام الرياضيات، بمنحنياتها وزواياها، وتجاربها والقياس على نتائجها. ولم تكن أي من وسائل الاتصال والتواصل في عصره، ولا من بعد عصره بعصور كثيرة، تخدم غايته من تطبيقه الرياضي للحصول على الشهرة، فيما لو كان هدفه الشهرة. مات فيثاغورس (570) ق.م. ونظريته المبهرة في خدمة العلوم حتى عصرنا الحالي (2021م) وأمثال فيثاغورس، وقس بن ساعدة، مبدعون وظفوا عقولهم المبدعة لخدمة أوطانهم، وأجيالهم من بعدهم. ما يسمى بالمشاهير اليوم إذا تقدم السن بأي منهم. هل يستطيع هو أن يتذكر عملاً تركه لينتفع به الجيل المباشر لجيله من بعده. عدا بهرجة وتصنع وتصنيع للموقف أمام الكاميرات. ليس بينها ابداع فني على الأقل. الكثير مما نقرأ ونسمع عن بعض المشاهير الذين استغلوا كثرة عدد المتابعين لغرض اغراء المعلنين (عمليات دعاية تسويقية) والحصول على الأور. إنهم لم يحسنوا لأنفسهم بما نسب اليهم من مخالفات. بكل أسف إن مفردة (مشاهير) أصبحت أخبارهم جاذبة للشباب من الجنسين. ولأشد أسفاً أنها أخبار فاضحة، لا تليق بالوطن والمواطن. ومن هذه الحالات حري بالجهة المعنية أن تنظر في وضع قواعد سلوك، تحكمها سلوكيات تحكم هذه الفئة بقواعد ملزمة. فأيهما أحق بالشهرة المبدعون المورثون إبداعاتهم للحياة البشرية؟ أم مشاهير ليس لها من أثر إلا صخب الحاضر، ونسيان المستقبل؟.