فدوى بنت سعد البواردي
كثيرًا ما نسمع بالتكنولوجيا الخضراء، فهو مصطلح حديث متداول في المملكة العربية السعودية ومختلف أنحاء العالم، وانعقدت حوله الكثير من المؤتمرات الدولية نظراً لأهميته. فما هي التكنولوجيا الخضراء؟
مفهوم التكنولوجيا الخضراء هو أنها إحدى تقنيات الثورة الرقمية، أو ما يُعرف على نطاق دولي بمصطلح «الثورة الصناعية الرابعة»، والمقصود بالتكنولوجيا الخضراء هو التكنولوجيا المشجعة للمحافظة على البيئة، وذلك من خلال استخدامها لمواد صديقة للبيئة أثناء توليد الطاقة النظيفة، مثل المياه والموارد الطبيعية الأخرى، بدلاً من الوقود والنفط والفحم والغاز والمواد الكيميائية والمصنعة والتي قد تتسبب في تلوث البيئة ومضار صحية للإنسان. وقد بدا هذا مصطلح التكنولوجيا الخضراء بالانتشار دولياً في عام 2010م.
وقد يتساءل البعض: أين نجد التكنولوجيا الخضراء من حولنا.. وما هي مجالات استخدامها..؟ والإجابة أن تلك مجالات الاستخدام توجد، كبعض الأمثلة، في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة مساقط المياه، حيث تُسمى بـ»الطاقة الخضراء المتجددة»، وذلك لأنها تتجدد من تلقاء نفسها، ولا تنفذ كونها تأتي من مصادر طبيعية في الحياة. ويتم استخدام الطاقة الخضراء كمصدر للطاقة يحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والتلوث ويساعد على حماية الغلاف الجوي والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري الذي يهدد كوكب الأرض، على المدى البعيد. وتُعد تكنولوجيا «النانو الخضراء» من إحدى التقنيات لتعزيز الاستدامة البيئية للعمليات التي تنتج عوامل سلبية على البيئة من خلال مواد ومنتجات متناهية في الصغر وتقنيات للنانو صديقة للبيئة لجعل عملية التصنيع الحالية للمواد والمنتجات غير النانوية أكثر ملاءمة للبيئة.
ومن الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية أطلقت البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، بهدف توطين سوق الطاقة المتجددة في المملكة وتحقيق أعلى المعايير العالمية في الاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الجوفية الحرارية والطاقة المحولة من النفايات. ويسعى هذا البرنامج إلى تفعيل مصادر المملكة المحلية لإنتاج الطاقة المتجددة على أن يتم إنتاج ما مجموعه 9.5 جيجا واط من الطاقة المتجددة بحلول العام 2023م، وقد تم الإعلان كذلك عن المنصة الإلكترونية لبرنامج الطاقة المتجددة في المملكة.
ويوجد مجال آخر لاستخدام التكنولوجيا الخضراء وهو في وجود المدن والمباني والطرق والمؤسسات الخضراء. وتوجد العديد من المدن الدولية التي تُسمى «بالمدن الخضراء المستدامة» وهي المدن الأقل ضرراً على البيئة مثل مدينة برلين الألمانية وأمستردام الهولندية وكوبنهاغن الدنماركية، حيث يتم تثبيت الألواح الشمسية على الكثير من المباني كمصدر للطاقة، وكذلك ركوب الدراجات الهوائية بدلاً من السيارات التي تعتمد على حرق الوقود، وإنشاء محميات ومساحات خضراء شاسعة، واعتماد عمليات إعادة التدوير للمواد ذات الأصل الورقي والمعدني والزجاجي والبلاستيكي للاستفادة منها، وكذلك استخدام الآبار الحرارية الأرضية وتوربينات الرياح لإنتاج الطاقة المتجددة النظيفة.
ومن جهة أخرى، فقد تم الكشف مؤخراً في المملكة العربية السعودية عن مدينة نيوم التي يتم بناؤها حالياً كمدينة ذكية صديقة للبيئة تعتمد على الطاقة الخضراء وهي مدينة خالية من السيارات والانبعاثات الكربونية.
أما المباني الخضراء، فهي تختلف عن المباني التقليدية، حيث إنها تشمل إضاءة طبيعية من خلال الطاقة الشمسية، وجودة هواء أفضل من خلال المساحات الخضراء المتوفرة، وكذلك مكافحة الضوضاء، مما يجعل هذه المباني مناسبة لجودة حياة أعلى، ومكاناً أفضل للمعيشة أو العمل.
وقد اعتمدت الكثير من الشركات العالمية تطبيق التكنولوجيا الخضراء، واستطاعت شركة «أبل» الحصول على لقب «شركة التقنية الخضراء» الأولى في العالم، منذ عدة سنوات، حسب مؤشرات الطاقة النظيفة العالمية، وكذلك حققت شركات «جنرال موتورز» و»قوقل» وغيرها من الشركات العالمية مراكز متقدمة في هذا المجال. وفي الأعوام القليلة السابقة أيضاً، اتجهت العديد من الشركات والمؤسسات والمصانع المحلية والدولية، في كافة أنحاء العالم، نحو الحذو تجاه ذات الهدف من أجل الوصول إلى بيئة صناعية واقتصادية واجتماعية خضراء مستدامة. وبالتالي، النجاح والتمكن من تحقيق «عالم أفضل لحياة الإنسان» من خلال التكنولوجيا الخضراء.
** **
- خبيرة تقنية وتخطيط إستراتيجي