محمد بن عبدالله آل شملان
المعاني الكبيرة التي ترى من خلالها المملكة وشعبها إلى تراث الآباء والأجداد، تشحذ العزائم وتفجر دوماً الطاقات التي تقف وراء المنجزات، وروح الإرادة والإصرار التي باتت تميز وطننا، ولأهمية التراث الكبيرة والثقافة الواسعة في عملية ربط الماضي المشرق بالحاضر المزدهر ليقود طموحات المستقبل الرفيعة، منحت قامات ورموز كبيرة اهتماماً خاصاً للمحافظة على هذه الذاكرة بين الأجيال.
في مقدمة هذه القامات، كان المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، وأبناؤه من بعده وصولاً إلى هذا العهد الميمون، تحت ظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وسمو ولي العهد الأمين محمد بن سلمان -رعاه الله- أصحاب مبادرة ومثابرة وسعي دائم في تثبيت دلائل كبيرة وشواهد عظيمة على عراقة ومتانة هذه الذاكرة، بقيمها الإنسانية والثقافية والحضارية التي منحت هذا الوطن هويته الفريدة، وتاريخه الاستثنائي الذي تهيأت له بفضل قوة إرادته وانتصاره على التحديات.
مبادرة هيئة تطوير بوابة الدرعية أمس، باستمرار تنظيم «الدرعية.. بيت العرضة» في نسختها الثانية بالتعاون مع المركز الوطني للعرضة السعودية التابع لدارة الملك عبدالعزيز، التي علا بهما الدعم الكبير من قيادة هذا الوطن لتجعل منه ملحمة تاريخية، هو وفاء عظيم لفن من التراث أضاء بأهازيجه الشموخ والعزة والفخر، وبألبسته وطقوسه الخاصة جذوة الحماسة ونشوة النصر للدين ثم المليك والوطن، بصمات خالدة في نشر ثقافتنا وموروثنا القيم وقصص كفاح الآباء والأجداد، ليبقى هذا الفن هو أيضاً حيًّا في القلوب، من خلال ما تركه من رسائل عظيمة في نفوس الأجيال.
«الدرعية.. بيت العرضة» من خلال إبراز هذا الفن التراثي العريق والمتوارث من حوالي 300 عام في القلب من حي الطريف التاريخي، لم يعد مجرد سباق، وإنما يمثل رسالة إلى الجميع تعبّر عن مدى حب واعتزاز أهل المملكة بماضي الآباء والأجداد، الذين ارتبطوا بانطلاق ملحمة توحيد الوطن على يد الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، واعتزازاً بهذا الإرث العريق والتاريخ المضيء للمملكة وبطولات الشعب السعودي، فهو يحكي بمشاركة الآلاف من النشء والشباب، قصة انتصارات الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- ورجاله الأشاوس، في معارك عديدة ومفصلية في التاريخ الوطني لتوحيد البلاد، ويعلي منها منارات تثير العزائم وتحفز روح التميز ومواصلة الإنجاز.
هذا الاهتمام الكبير باستمرار مبادرة «الدرعية.. بيت العرضة» ودعمها ورعايتها والاهتمام بها، يأتي لما يقدمه هذا الفن، وغيره من الفنون الكبيرة التي ترعاها المملكة وقيادتها، من توثيق عام وفريد، لتاريخ وتراث المملكة بجوانبه المادية واللا مادية، وما تعززه من التمسك بهويتنا الوطنية الأصيلة، وهو أمر بلا شك يعد مسؤولية وطنية وتاريخية، يحملها رجال على أكتافهم ويدركون تماماً أثرها الاستراتيجي في هوية الوطن ومستقبله.
الرسالة المهمة الأخرى، التي يحرك بها هذا التوجيه، أن الأحداث في وطننا الحبيب، بتنوعها الغزير، لم ولن تقف، وإنما ستستمر في التطور والدعم والاهتمام، ومنها الأحداث التاريخية على كل مستوياتها، لما يمثله هذا الجانب من أهمية في ترسيخ العرضة وجهة لعشاق تاريخ المملكة وأمجادها، ورواد التراث، ولما تثريه هذه الأماكن التاريخية والفنون التراثية مجتمعة من وجهة سياحية غنية، وما تعطيه من قيمة إضافية، تصعد بتجارب السائحين والزائرين، الذين باتت المملكة مقصدهم الأول والأفضل في ظل الرؤية السعودية 2030.