عثمان أبوبكر مالي
لا يبدو أن فكرة كتابة وتوثيق بطولات كرة القدم في الأندية والرياضة السعودية؛ التي عادت مجدداً إلى السطح يمكن أن ترى النور بالطريقة التي يتحدث عنها البعض والسهولة التي يتوقعها البعض الآخر، ولا يبدو أن الاتحاد السعودي لكرة القدم قادر على تنفيذها -في أي فترة- بالشكل الصحيح والمطلوب، أو حتى المقبول لدى الوسط الرياضي، والسبب أن الاتحاد لا يملك -من وجهة نظري- لا الوقت ولا الأدوات ليوثق البطولات ويكتب تاريخ الرياضة، ففترته قصيرة من جهة، ومن جهة أخرى ليس في منظومته كفاءات خبيرة ومؤهلة تستطيع كتابة مسيرة اللعبة وتاريخها الحديث، فما بالك بتاريخها ومسيرتها عبر التاريخ؟!
إن كتابة تاريخ كرة القدم وتوثيق بطولاتها مهمة تتجاوز وأكبر من أن يتصدى لها اتحاد هو في بعض توجهاته غير مقنع، وكثير من قرارات لجانه الوقتية غير مرضية، وتتهم بأنها (منحازة) إلى ألوان دون أخرى، فهل يتوقع ان تصدى للتوثيق أن يجد الرضى والقبول؟ أم سيكون عملاً فيه (هدر) للوقت وتكرار لمحاولة سابقة سجلت فشلاً ذريعاً لم يفشل مثله عمل رياضي سابق، بدليل صدور قرار إلغائه واعتباره (كأن لم يكن).
الجهة التي تستطيع أن تتصدى لتوثيق بطولات كرة القدم هي إما اللجنة الأولمبية السعودية، باعتبارها (أعلى جهاز رياضي في الدولة)، أو وزارة الرياضة باعتبارها (الجهة المسؤولة عن الأنشطة الرياضية وكل ما يتعلق بها).
وأي كان يحتاج تنفيذ التوثيق إلى العمل بشكل مختلف عن أساليب (الرصد) الذي تقوم به بعض الأجهزة والأندية وحتى المؤرخين الرياضيين، فلا يكون العمل بأسلوب فردي ولا بشكل (اجتهادي) وإنما يكون منهجياً وجماعياً، يلزمه جهاز (يخصص) للقيام به، بعد أن يتم تشكيله ويرتبط (مباشرة) بسمو رئيس اللجنة الأولمبية أو وزير الرياضة، على أن يأتي العمل (وهذه وجهة نظري) على مرحلتين واضحتين:
الأولى.. تبدأ بوضع أسس وقواعد ومعايير مسبقة (تصنف) بموجبها البطولات التي أقيمت في المملكة العربية السعودية، على مر زمن ممارسة اللعبة (منظمة) وطوال تاريخها ويكون ذلك من خلال متخصصين (غير متفرغين) ممن عاشروا اللعبة وأسهموا في مسيرتها وفي صناعة تاريخها وقراراتها وبرامجها وعملوا في أجهزتها الرسمية المتعاقبة بمختلف مسمياتها وفي كل المناطق، ممن يعرفون (اللوائح) التي نُظّمت بها البطولات و(التعاميم) الرسمية التي طبقت و(القرارات) التي نفذت ومن خلال ذلك يتم الوصول إلى (خارطة طريق) واضحة ومتفق عليها، تكون بمثابة (الدليل الإرشادي) لحصر البطولات وتصنيفها، دون تجاهل أي بطولة ومسماها، طالما أقيمت باعتماد وقرار وإشراف (جهاز رسمي) كان مسؤولاً عن كرة القدم.
المرحلة الثانية.. هي مرحلة حصر البطولات وفقاً للتصنيفات المسبقة والمعتمدة وإحصائها كعدد، وهذا الإحصاء يقوم به كل ناد بناء على ما لديه من معلومات وأجهزة (ومؤرخين) وما يتماشى مع (الدليل الإرشادي) الذي أصدره الجهاز المختص وفق ما اقترحته في أولاً، وعليه يقدم كل ناد (إحصائية) كاملة لبطولاته وفق الآلية التي اعتمدت وأعلنت سلفاً، ومن ثم يعود الجهاز المختص ليتولى (التدقيق التاريخي) والترتيب والتسجيل النهائي ليتم اعتماده من قبل سمو الوزير ومن ثم تعلن النتائج في (مطبوع رسمي) من قبل وزارة الرياضة، وبذلك يحسم الجدل ويحصل كل نادٍ على بطولاته بالأرقام والإثبات والتاريخ، وما يأتي لاحقاً من بطولات يحققها أي فريق يصبح واضحاً كم سيكون رقمه وأين موقعه وتصنيفه ويعتمد (مباشرة) بآلية ثابتة ومعروفة لدى الجميع وليس بالضجيج أو الصوت العالي.
كلام مشفر
· تحديد بداية انطلاقة البطولات السعودية في كرة القدم أمر مهم جدا، ولا يمكن أن تكون البداية من تأسيس الاتحاد السعودي لكرة القدم في عام 1956م، فهناك نادي الاتحاد وهو أول ناد تأسس في الرياضة السعودية، في عام 1927م أي قبل إشهار اتحاد اللعبة، وجاءت أندية أخرى من بعده تأسست أيضاً قبل إشهار اتحاد اللعبة، ولها بطولات (رسمية) معروفة وتم إحصاؤها ولا يقبل تجاهل تاريخها وبطولاتها.
· على الأقل إذا كان لا بد من تجاهل سنوات البدايات والتأسيس يمكن اعتماد توحيد (المملكة العربية السعودية) عام 1932م بداية إحصاء البطولات التي يتم اعتمادها وتصنيفها، فلا يمكن إنكار أو تجاهل البطولات التي أقيمت مع التوحيد، ولا يقبل إنكار جهود الأجهزة الرسمية والأندية التي صنعت تاريخ اللعبة وما كتبه رجالاتها ولاعبوها وما تركوه من أمجاد معروفة ومسجلة رسمياً.