عقدت يوم الأربعاء الموافق 28-10-1442هـ ورشة عمل افتراضية بعنوان «دور الأرشيف في تعزيز ثقافة المجتمع» وذلك بمناسبة اليوم العالمي للأرشيف بتنظيم وتنسيق المركز الوطني للوثائق والمحفوظات.
وسنستعرض أبرز ما جاء في الورشة وأثر الأرشيف في حياة الفرد والمجتمع وأهميته وعلاقته المباشرة في حياتنا الخاصة والعامة.
حيث تم عرض التجربة الإندونيسية من قبل مدير الأرشيف الوطني الإندونيسي د.توفيق، وكيف قدمت إندونيسيا تجاربها الأرشيفية لبرنامج الأمم المتحدة لذاكرة التراث العالمي وتمثلت في أرشيف مصنع الاسمنت منذ عام 1910م.
وأرشيف منجم الفحم منذ عام 1868م عندما كانت إندونيسيا تحت الاحتلال الياباني ثم استقلت عام 1945م إلى أن توقف عن العمل عام 2019م واستعرض دعوة الرئيس الإندونيسي «سوكارنو» عام 1960م لبناء ذاكرة عالمية، وأشاد برسالة قديمة لأحد سيدات جزيرة جاوة تتحدث بها عن أحوال المرأة الإندونيسية وحقوقها في العمل والإدارة وعموم الحياة.
ثم ختم بتجربة اقتصادية تمثلت بما يسمى خطوط التوابل من إندونيسيا حتى شمال أفريقيا. وكيف أن هذه التجارب تدعم الثقافة المجتمعية في الحياة العامة والخاصة وتعزز الروابط والعلاقات الاجتماعية.
أما المحور الثاني من الورشة فكان من الدكتور/ وحيد قدورة من المعهد العالي في تونس وتحدث عن أهمية الأرشيف التونسي من خلال إعادة ذاكرة بناء شجرة العائلة لحفظ الأنساب والذي تم إقراره عام 2005م (عدول الأشهاد) والمقصود به كتّاب العدل لحفظ أنساب المواطنين، فقد وجدت الإدارة التونسية ضعف الهوية الوطنية.. من خلال تراكمات الماضي وعلى رأسها قانون المحتل الفرنسي الذي تم إقراره في عام 1882م في الجزائر ثم في تونس عام 1925م والقاضي بإبراز الفرد على العائلة في الأسماء.. وما تسببه هذا القرار الخبيث من ضياع جزء مهم وأساس في الهوية الوطنية التونسية فلا يكاد الفرد التونسي من معرفة اسم والده وجده على أبعد الحدود.
وأن هذا أدى إلى ضياع الكثير من الأرشيف المجتمعي وهو ثروة الأمة، وقد عانى المهاجرون من شمال أفريقيا إلى الغرب وكندا تحديدًا حتى تم عمل منصة تجارية لتحليل الـ DNA لمعرفة أصولهم..!!
وهنا يبرز أهمية الاهتمام بالأرشيف والتدوين وهو غالباً ورقي وحالياً سمعي، وسمعي بصري.. وأن الأرشيف هو ثروة الأمة..(انتهى).
وبالنظر لهذه التجارب من الشرق والغرب نجد أنفسنا محظوظين بأرشيفنا العظيم الممتد في جذور الماضي البعيد على المستوى الفردي والمؤسسي فنرى اهتمام أجدادنا منذ الأزل بالتدوين وحفظ الوثائق وتبويبها لكافة مناشط الحياة العامة والخاصة حتى وصلت إلينا تجاربهم ومفردات حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وتعاملاتهم وعلاقاتهم بكامل تفاصيلها وعذوبة مفرداتها وصدق معانيها.
عبر المخطوطات من صكوك ووثائق تزخر بها المكتبات العامة ومراكز الوثائق وأرشيفات إمارات المناطق والمحاكم في ربوع مملكتنا الغالية.. وأرشيفات مؤسسات القطاع الخاص والأرشيفات العائلية.. وتسخير آليات التقنية الرقمية والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات للاستفادة منها في شتى مناحي حياتنا.. وتمتد هذه الأرشيفات على امتداد جغرافيا مملكتنا الغالية عبر تأريخ خالد مشرق على مر العصور.. وليس آخرها مستطيلات العُلا التي تعود إلى أكثر من سبعة آلاف سنة لتؤكد على عمق حضارة وأصالة ابن هذه الأرض التي حبانا الله أن نكون من أبنائها ونتفيأ ظلالها الوارفة...
المملكة العربية السعودية.. ويحق لنا أن نباهي بهذا الإرث الغني أمم العالم..
فشكراً من القلب للقائمين على المركز الوطني للوثائق والمحفوظات وجميع العاملين فيه على هذه الإطلالة المشرقة وهذا الحضور الضافي الجميل.
** **
sh1ksa@yahoo.com